للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القبّاريّ [١] الزّاهد، وسمّاه الإمام أبو شامة [٢] محمّدا.

كان شيخا صالحا، عابدا، قانتا، خائفا من الله، مُنْقَطِع القَرِين في الورع والإخلاص وكان مقيما ببُسْتَانٍ له بجبل الصَّيْقَل بظاهر الإسكندريّة، وبه مات، وبه دُفِن بوصيّةٍ منه [٣] .

قال أبو شامة [٤] : كان مشهورا بالورع والزُّهد، وكان في غَيْطٍ له هو فلّاحه يخدمه ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورَّع في تحصيل بذره حتّى بلغني أنّه كان إذا رأى ثمرة ساقطة تحت أشجاره لم يأكلْها خوفا من أن يكون حَمَلها طائرٌ من بستان آخر.

وكنتُ اجتمعتُ به سنة ثمانٍ وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقي على حماره ويسقي غيطَه من الخليج، فقدَّم لنا ثمر غَيْطه.

وحدّثني القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان، عن المجد بن الخليليّ أنّ الأثاث المخلَّف عنه، كان له أو كان لغيره [٥] ، قيمته نحو خمسين درهما، فبِيعَ بنحو عشرين ألف دِرهمٍ للبَرَكة [٦] .

وَقَالَ الشَّرِيفُ: تُوُفِّيَ فِي سَادِسِ شَعْبَانَ. وَكَانَ أَحَدُ الْمَشَايِخِ الْمَشْهُورِينَ بِكَثْرَةِ الْوَرَعِ وَالتَّحَرِّي، وَالْمَعْرُوفِينَ بِالانْقِطَاعِ وَالتَّخَلِّي، وَتَرْكِ الاجْتِمَاعِ بِأَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَالإِقْبَالِ عَلَى مَا يَعْنِيهِ.

وَطَرِيقُهُ قَلَّ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ عليها، ولا نعلم أحدا في وقته


[ () ] ٢٠/ ٣١٦، ٣١٧، وتوضيح المشتبه ٧/ ١٦٦ و ٢٤٧، والسلوك ج ١ ق ٢/ ٥٢٣، وتاريخ الخلفاء ٤٨٣، وشذرات الذهب ٥/ ٣١٢، والقاموس المحيط للفيروزابادي (مادّة: قبر) .
[١] تصحفت هذه النسبة في شذرات الذهب ٥/ ٣١٢ إلى: «القياري» ، بالياء المثنّاة من تحتها.
[٢] في ذيل الروضتين ٢٣١.
[٣] ذيل مرآة الزمان ٢/ ٣١٦.
[٤] في ذيل الروضتين ٢٣١.
[٥] العبارة في ذيل الروضتين: «وأن الأثاث المخلف عنه لو كان لغيره» .
[٦] وزاد في ذيل الروضتين: «حتى في الإبريق الّذي كان يتوضّأ فيه» .
وانظر: ذيل مرآة الزمان ٢/ ٣١٦.