غير ما يفهم منه وتكلِّف له أنواع التّأويلات البعيدة فقد أساء الأدب وأطلق فِي جانب الربوبيّة ما لا يجوز إطلاقه، وتَجَهْرَمَ على الله تعالى إذ جعل ذلك ديدنه. وهذا إنّما هُوَ على سبيل الفرض.
أمّا من عرف مذهب القوم وحقيقة ما يعتقدونه فلا يرتاب فِي خروجهم عن الملّة أو هُوَ منهم. نسأل الله العظيم أن يثبّت قلوبنا على دِينه، آمين.
والمعصوم من عصم اللَّهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّه.
فَمَنْ شِعره:
أسُكّان قلبي إن تناءوا وإن حلّوا ... ومُلّاك ودّي واصلوني أو ملّوا
تساوى لديَّ البعدُ والقربُ فيكم ... كما قد تساوى عندي الهجر والوصلُ
إنْ شئتم صُدّوا وإنْ شئتم صِلُوا ... فإنّ سواكم فِي فؤادي لا يحلو
سُهادي بكم أحلا لديَّ من الكرى ... وأصعب ما ألقاه فِي حبّكم سهلُ
فبحق جنوني فِي الهوى بكم اسفكوا ... دما هدرا ما أن يراد به عقلُ
إذا آثرت قتلي سيوفُ لحاظكم ... فأعذب شيء عند عبدكم القتلُ
أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابة ... ببدرِ ومثلي ليس يخفى له فضلُ
دعوني منّي واصنعوا ما بدا لكم ... فإنّي لما أهّلتموني له أهلُ
حلفتُ بتوريد الخدود وما جنت ... عليَّ القدود الهيف والأعين النُّجلُ
وليلتنا بالسّفح إذ يسفح النّدا ... دموعا وإذ سمّارنا البان والأثلُ
لقد ضاع ذِكري فِي الوجود بحبّكم ... كما ضاع فِي وجدي بحسنكم العذلُ
ودقّ عن الواشي حديث تولّهي ... كما جلّ شوقي أنْ تبلغه الرسلُ
وصِرْتُ أمير العاشقين وكيف لا ... ونقلُ أحاديثي لندمانهم نُقْلُ
فكلّ مُحبّ مات فيكم صبابة ... صُبابةُ كأسي أكسبته الضّنى قبلُ
وما سمحت روحي بحبّ سواكم ... على أنّها ما من خلائقها البخلُ
نديميّ هَلْ فِي حبّهم من ندامة ... فأتركه أم هَلْ لهم فِي الورى مثلُ
أردت بذلي فِي هواهم تقرُّبًا ... ومَن عزَّ مَن يهواه لذَّ له الذّلّ