للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شِعره أيضا:

لا تشرب الراحَ إلّا مع أخي ثقة ... يرعى مودّة أهلِ الحان فِي الحانِ

ولا يرى وجه ساقيها سوى رجلٍ ... لا ينظر الخمر والخمارَ اثنانِ

إن غُيِّبت ذاتها عنّي فلي بصرٌ ... يرى محاسنها فِي كلّ إنسانِ

فِي القلب سِرٌّ لليلى لو نطقت به ... جهرا لأفتوا بكفري بعد إيماني

السّرّ الَّذِي فِي قلْبه هُوَ أنّ العباد حقيقة المعبود، وأنّ المعبود حقيقة العباد، أي ليس الله عنده شيئا آخر سوى المخلوقات، ولا لربّ العالمين وجود متميّز فِي نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدّهريّة بعينه، لا بل شرّ من مذهب الدّهريّة، سبحان الله وتعالى عمّا يقولون عُلُوًّا كبيرا. فينبغي للإنسان إذا حكى قول الكُفر أن يسبّح الله تعالى ويقدّسه ويمجّده لينجيه من الكفر.

ولقد اجتمعتُ بغير واحد مِمَّنْ كان يقول بوحدة الوجود ثُمَّ رجع وجدّد إسلامه وبيّنوا لي مقالة هَؤُلَاء أن الوجود هُوَ الله تعالى، وأنه تعالى يظهر فِي الصورة المحلية والأشياء البديعة.

ومن قصيدة ابن إسرائيل المسمّاة بعَرْف العرفان حيث يقول:

لقد حق لي عشق الوجود وأهله ... وقد علقت كفّاي جمعا بموجدي

نديميّ من سعدٍ أريما ركابي ... فقد أمنت من أن تروح وتغتدي

ولا تلزماني النُّسْك فالحبّ شاغلي ... ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي

أمِن بعد ما قد برّد الوصْلُ غلّتي ... وزار الكَرَى أجفانَ طَرْفي المسهَّدِ

وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت ... عروسُ حمَيّا الرّاح تُجلَى على يدي

ونادمت فِي ديَر الحبيس غزالة ... وزُخرِف لي فِي هيكلِ الدَّيرِ مقعدي