للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان لطيف القدّ، ضخم العِلم والعمل، صاحب تعبّد وأوراد وتهجّد.

قرأت بخطّ شمس الدّين ابن الفخر: تُوُفِّيَ شيخنا الإمام جمال الدّين أبو زكريّا ابن الصَّيْرفيّ عشيّة الجمعة رابع صفر، وله خمسٌ وتسعون سنة، أو نحو ذلك.

وكان إماما كبيرا مُفْتيًا، أفتى ببغداد، وحَرّان، ودمشق. وله مناقب جمّة، منها قيام اللّيل فِي مُعظَم عمره. كان يقوم فِي وقتٍ، والله، يعجز الشّباب عن ملازمته وهو جوف اللّيل. وكان يجتهد فِي أسرار ذلك، وسائر عمل التّقرُّب.

ومنها سخاء النّفس وحُسْن الصُّحْبة والتّعصُّب فِي حقّ صاحبه بدعائه واجتهاده وتضرّعه ومساعدته بجاهه وحُرمته.

ومنها التّعصّب فِي السُّنّة والمغالاة فيها، وقمْع أَهْل البدع، ومُجانبتهم ومُنابذتهم.

ومنها قول الحقّ وإنكار المنكر على من كان.

ولم يكن عنده من المداهنة والمراءاة شيء أصلا. يقول الحقّ ويصدع به.

لقي الكبار كالسّامريّ مصنّف «المستوعب» ، والشّيخ أَبَا البقاء، والشّيخ الموفَّق.

وكان حَسَن المناظرة والمحاضرة، حُلْو العبارة، عالي الإسناد، له مختصرات ومجاميع حَسَنَة.

قلت: كَانَتْ له حلقة بجامع دمشق، وتخرَّج به جماعة. وروى الكثير.

حدّث ب «جامع التّرمِذيّ» ، وب «معالم السُّنَن» للخطّابيّ، وأشياء كثيرة.

وقد سمع كتاب «معرفة الصّحابة» لابن مَنْدَه، من ابن القُبَّيْطيّ، بسماعه من أبي سعد الْبَغْدَادِيّ.