للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشّيْخ الزّاهد، الكبير، القُدوة، أَبُو إِسْحَاق الْجَعْبَريّ [١] .

روى عَنِ: السَّخاويّ.

كتب عَنْهُ: البِرْزاليّ، والمصريّون.

وسكن القاهرة دهرا. وكان لَهُ مسجد هُوَ شيخه وإمامه. فكان يجلس فِيه ويقصّ عَلَى النّاس ويُخوف ويُحذَّر. ولكلامه وَقْعٌ فِي النّفوس.

وكان زاهدا، عابدا، أمّارا بالمعروف، قوّالا بالحقّ، حُلْو العبارة، ولأصحابه فِيهِ عقيدة ومُغالاة. وله شِعر فِي التّصوّف والزُّهد. وتُوُفّي فِي الرابع والعشرين من المحرَّم وقد جاوز الثّمانين بسنوات. فإنّهُ وُلِد فِي سابع عشر ذي الحجّة سنة تسعٍ وتسعين بقلعة جَعْبَر [٢] .

ورأيت كلّ من عرفه يعظّمه ويُثْني عَلَيْهِ وعلى طريقته، رحمة اللَّه عَلَيْهِ، وعليه مآخذ فِي عباراته [٣] .


[١] في دول الإسلام ٢/ ١٤٣ «الجعديّ» وهو غلط.
[٢] جعبر: بالفتح ثم السكون، وباء موحّدة مفتوحة وراء. على الفرات بين بالس والرّقّة قرب صفّين. وكانت قديما تسمّى دوسر فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك. (معجم البلدان ٢/ ١٤١، ١٤٢) .
[٣] وقال المقريزي: وبرع في العلم والتحقيق، وصار يعدّ من أصحاب الأحوال، وتكلّم في الوعظ بالقاهرة مدّة طويلة بكلام بليغ ومواعظ حسنة، في ميعاده بمسجد معلّق برأس الورّاقين من القاهرة. وكان ميعاده حافلا بالأعيان وغيرهم. ومات على بابه جماعة كثيرة.
وقال الشعر الجيد. وكان له أصحاب يبالغون في تعظيمه ويفرطون في المغالاة في اعتقاده. وحفظت عنه كلمات شنّع بها عليه. وكان يشارك في أشياء من الطب. ولما مرض خرج محمولا إلى قبر أعدّه لنفسه بظاهر الحسينية، فلما رآه قال: قبير، جاءك دبير! ثم مات بعد يومين.
ومن شعره:
أرى غراما وتعذيبا وفرط جوى ... وحرقة في الهوى تعلو على سقر
ولست أدري بمن وجدي ولا نظرت ... عيناي حبّي في بدو ولا حضر
فهل رأيتم جمع الناس أعجب من ... حالي وقطّ سمعتم مثل ذا الخبر؟
أذوب شوقا إلى من لست أعرفه ... ولا لمحت خيالا منه في عمري
(زبدة الفكرة، المقفى الكبير) وله: -