للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قلت: كذبت، بل أخوف الخلق للَّه مُحَمَّد رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [١] .

وحكى تلميذه البرهان إِبْرَاهِيم بْن الفاشوشة قَالَ: رَأَيْت ابنه فِي مكان بين رَكَبْداريّة وذا يكبّس رجليه، وذا يبوسه، فتألّمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشّيْخ وأنا كذلك، فقال: ما لَكَ؟ فأخبرته بالحال الّذي وجدت عَلَيْهِ ابنه محمدا، فقال: أفرأيته فِي تِلْكَ الحال مُنقبضًا أو حزينا؟ قلت: سبحان اللَّه كيف يكون هذا؟ بل كَانَ أسرّ ما يكون.

فهوَّن الشّيْخ عليَّ وقال: فلا تحزن أنت إن كَانَ هُوَ مسرورا.

فقلت: يا سيّدي فرّجت عنّي. وعرفتُ [قدر] [٢] الشّيْخ وسِعَتَه، وفتح لي بابا كنتُ محجوبا عَنْه.

قلتُ: هذا هُوَ الشيخ الّذي لا يستحي اللَّه من عذابه.

وله شعر فِي الطّبقة العليا والذّروة القصوى، لكنّه مشوب بالاتّحاد فِي كثير من الأوقات، فمنه:

أفدي الّتي ابتسمت وهنا بكاظمة ... فكان منها هدى السّاري بنعمان

وواجهتْها ظباء الرمل فاكتسبتْ ... منها محاسن أجيادٍ وأجفان

يسْري النّسيم بعِطْفَيها فيصحبُه ... لطْف يُميل غصن الرَّنْد والبانِ

مرَّت عَلَى جانب الوادي وليس بِهِ ... ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني

مَوَّهت عَنْهَا بسلمى واستعرت لها ... من وضعها فاهتدى الشاني إلى شاني

تجنّى عليَّ وما أحلى أليم هوى ... فِي حبّها حين ألجاني إلى الجاني

وله:

أقول لخفّاق النّسيم إذا سرى ... وقد كاد أن ينجاب كلّ ظلام

تحمّل إلى أهل العقيق رسالتي ... وخصّهم عنّي بكلّ سلام

وقل لهم إنّي عَلَى العهد لم أحِلْ ... وإنّ غرامي فوق كلّ غرام


[١] زيادة من المصرية.
[٢] من المصرية.