للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقهرنا العدو الطاغية، والجيوش الباغية. فرَّقْناهم أيدي سبإ، ومزقناهم كلَّ مُمزّق، حَتَّى جاء الحق وزهق الباطل [١] ، فازدادت صدورنا انشراحا للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين فِي زُمرة من حُبّب إليهم الإِيمَان [٢] ، فَوَجَب علينا رعاية تلك العهود الموثقَّة، والنُّذور المؤكَّدة، فصدرت مراسمنا العالية أن لا يتعرض أحدٌ من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية، وأن يكفوا أظفار [٣] التعدي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، ولا يحوموا حول حِماهم بوجهٍ من الوجوه، حَتَّى يشتغلوا بصدورٍ مشروحة، وآمال مفسوحة، بعمارة البلاد، وبما هُوَ كل واحد بصدده من تجارة وزراعة. وكان فِي هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرِّض بعضُ نفرٍ يسيرٍ إلى بعض الرعايا [٤] وأسْرهم، فقتلنا منهم [٥] ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النَّهْب والأسْر [٦] ، وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتة، وأن لا يتعرضوا لأحدٍ من أهل الأديان [٧] من اليهود والنصارى والصابئة، فإنّهم إنما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا، لأنهم من جملة الرعايا [٨] . قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عنهم» [٩] . فسبيل


[١] في تاريخ السلاطين ٦٣: «إن الباطل كان زهوقا» .
[٢] في تاريخ السلاطين ٦٣: «وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة» .
[٣] في تاريخ السلاطين ٦٣ «إظهار» .
[٤] في تاريخ السلاطين ٦٣ «تعرض بعض نفر يسير من السلاحية وغيرهم إلى نهب بعض الرعايا» .
[٥] في تاريخ السلاطين ٦٣ «فقتلناهم» .
[٦] في تاريخ السلاطين ٦٣ زيادة: «وغير ذلك من الفساد» .
[٧] في تاريخ السلاطين ٦٣ زيادة: «على اختلاف أديانهم» .
[٨] في تاريخ السلاطين ٦٣ و ٦٤: «فإنّهم إنما يبذلون الجزية عنهم من الوظائف الشرعية لقول علي عليه السلام: إنما يبذلون الجزية ليكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا والسلاطين موصون على أهل الذمة المطيعين كما هم موصون على المسلمين، فإنّهم من جملة الرعايا» .
[٩] في تاريخ السلاطين ٦٤ «الإمام الّذي على الناس راع عليهم وكل راع مسئول عن رعيته» .