وسمع منه خَلْقٌ كثير، منهم: أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره «صحيح الْبُخَارِيّ» وكتابي عبد والدّارميّ، و «جامع التّرمذيّ» ، و «مسند الشافعيّ» ، و «معجم الطبرانيّ» ، و «سنن ابن ماجة» ، و «المستنير» لابن سوار، و «المغازي» لابن عقبة، و «فضائل القرآن» لأبي عُبَيْد، ونحوا من ثمانين جزءا به.
ولبس منه الخِرقة خَلْقٌ.
وقرأ عليه القراءات جماعةٌ، منهم: الشَّيْخ جمال الدِّين إِبْرَاهِيم البدويّ، والشيخ أَحْمَد الحرانيّ، والشيخ شمس الدِّين الأعرج، وشمس الدِّين بْن غدير.
وكان فقيها، سَلَفيًّا، مُفتيًا، مدرسا، عارفا بالقراءات ووجوهها، وبعض عِللها، خطيبا، واعظا، زاهدا، عابدا، صوفيا، صاحب أوراد، وأخلاق وكَرَم وإيثار ومروءة وفُتُوَّة وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصُحبته فِي الدّنيا والآخرة، ويَسَعهم بخُلُقه وسخائه وبسْطه وحِلْمه وماله وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحُرمة، له القَبول التّام من الخاصّ، والعام. وله محبته في القلوب، ووقع في النفوس.
قدم من الحجاز، بعد مجاورة مدة، سنة تسعين، فسمع من ابن الْبُخَارِيّ، وابن الواسطيّ.
وكان حَسَن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية والإعادة بالنّاصرية، وتدريس النّجيبية. ثُمَّ وُلّي خطابة البلد بعد زين الدِّين ابن المرحل، فكان يخطب من غير تكلّف ولا تلعثُم. ويخرج من الجمعة وعليه السواد، فيمشي بها، ويشيع جنازة، أو يعود أحدا، ويعود إلى دار الخطابة.
وله نوادر وسجع وحكايات حُلْوة فِي لبْسه وخطابة وخطابته، وكان ظريفا، حُلْو المجالسة، طيب الأخلاق.
وكان الشُّجاعيّ نائب السَّلْطَنَة قائلا به، معظما له. وكان هُوَ يمشي إليه إلى دار السّعادة. وكان بعض الزُّهّاد يُنكر ذَلِكَ عليه.