وسمع ببَعْلَبَكّ من الشَّيْخ الفقيه وصحِبه، واستوطن بَعْلَبَكَّ وصار شيخها فِي التّصوُّف والقراءات. وأمَّ بمسجد كبير له بابان بسوق التُّجّار ببَعْلَبَكّ.
وكان يجلس فِي بعض الأيام ويروي للعامّة أحاديث من حِفْظه.
وقَلّ من رأيت بفصاحته على كثيرة مَن رَأَيْت من القرّاء، ومنه تعلّمت التّجويد، وقرأت عليه ختمة للسبعة فِي أحدٍ وخمسين يوما ببَعْلَبَكّ فِي سنة ثلاثٍ وتسعين. وكان إماما فاضلا، عارفا بالقراءات معرفة جيدة، وله مشاركة فِي الفقه والنّحو والأدب. وكان شيخ الإقراء بالجامع، وشيخ الصوفيّة بالخانكاه. وله حُرمة وصورة.
وقرأ عليه القراءات جماعة من أهل بَعْلَبَكَّ، ورحل إليه العَلَم طَلْحَة رفيقنا وقرأ عليه، وهو اليوم شيخ القراءات والعربية بحلب.
أنشدني شيخنا موفق الدِّين لنفسه:
قرأتُ القُرآن وأقرأتُه ... وما زلت مُغْري به مُغْرمًا
وطفْتُ البلاد على جَمْعِه ... فصِرتُ به فِي الورى مكرما
وألفيت إلفي بطلابه ... فيا نعم ما زادَني أَنْعُما
ويا فَوز مَن لم يزلْ دأبُه ... وما أجزَل الأجرَ ما أعظَما
وللَّه أَحْمَدُ مهما أعش ... وفي الموت أسأل أن يرحما
وأصفي الصَّلاة نبيّ الهُدَى ... ومَن فَوقَ كلّ سماء سما
وأُفشي السّلامَ على آلِه ... وأصحابه والرضى عَنْهُمَا
[١] تُوُفي فِي الحادي والعشرين من ذي الحجة ببَعْلَبَكّ.
٣٦٧- مُحَمَّد بْن يَعْقُوب بْن أبي طَالِب.
الكتانيّ، الصالحيّ. فقير مبارك، رَأَيْته وكلمناه فِي السّماع منه فقال:
روحوا إلى الشَّيْخ ناصر الملقن اقرأوا. فضحِكنا منه. وكان فيه وله وسلامة باطن.
[١] الأبيات في: تاريخ حوادث الزمان ١/ ٣٢٦، ومعرفة القراء الكبار ٢/ ٧١١.