للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَدَعَا بِهَا وَقَالَ: لا تَقُولِي «لَسْتَ مِنَّا» قُولِي «أَنْتَ مِنَّا» .

وَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ [١] فُلانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَلا أَنْ يَكُونَ [٢] الإِشْرَاكُ باللَّه أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَنْكُثُ» فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ [٣] .

وَزَادَ فِيهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوهُ عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ، فَأَبَى، وَقَالَ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ:

مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ، يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَنُّعًا لَكَ وَرِيَاءً [٤] .

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي عَمِّي لِيَزِيدَ:

آبَ [٥] هَذَا الْهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وَأَمَرَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا

رَاعِيًا لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ ... فَإِذَا مَا كَوْكَبٌ طَلَعَا

حَامَ حَتَّى إِنَّنِي لأَرَى ... أَنَّهُ بِالْغَوْرِ قَدْ وَقَعَا

وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ [٦] إِذَا ... أكل النّمل الّذي جمعا


[١] في الأصل «غارة» .
[٢] هكذا في الأصل، وفي مسند أحمد: «الغدر أن لا يكون» .
[٣] أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٤٨ وتتمّته: «ولا يشرفن أحد منكم في هذا الأمر فيكون صلّى الله عليه وسلّم بيني وبينه» .
[٤] البداية والنهاية ٨/ ٢٣٣.
[٥] في الكامل للمبرّد «طال» .
[٦] الماطرون: بكسر الطاء. موضع بالشام قرب دمشق. (معجم البلدان ٥/ ٤٢) ذكره الشاعر ابن منير الطرابلسي في شعره. انظر ديوانه من جمعنا- ص ١٧٤ طبعة دار الجيل، بيروت ١٩٨٦.