للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَقِينَا كَعْبًا، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاثِينَ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ:

أَلا تُعْدِينِي عَلَى أَخِيكَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ لَيْلَةً، ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَسَمِعَتِ الْيَهُودُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ هَذَا كِتَابٌ قَدِيمٌ، وَإِنَّهُ بلغتكم فاقرءوه، فَقَرَأَهُ قَارِئُهُمْ، فَأَتَى عَلَى مَكَانٍ مِنْهُ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، فَغَضِبَ نُعَيْمٌ، فَأَخَذَهُ وَأَمْسَكَهُ، ثم قَرَأَ قَارِئُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَمن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ من الْخاسِرِينَ ٣: ٨٥ [١] فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَبْرًا، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ، فَفَرَضَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُمْ.

قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَمَرَّ بِهِمْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ، إِنَّ كَعْبًا لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: أَلا رجل آتمنه عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَقَالَ: ارْكَبِ الْبُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَاقْذِفْهُ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ فِيهِ عِلْمٌ، وَيَمُوتُ كَعْبٌ، لا أُفَرِّطُ بِهِ، فَأَتَى كَعْبًا وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي، قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَيْقَنَ كَعْبٌ بِالْمَوْتِ قَالَ:

أَلا رَجُلٌ يُؤَدِّي أَمَانَتِي؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَرَكِبَ سَفِينَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ الْبَحْرُ حَتَّى رَأَى الأَرْضَ، فَقَذَفَهُ وَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا غُيِّرَتْ وَلا بُدِّلِتْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى مَا فِيهَا، وَلَكِنْ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ هُدْبَةَ، ثنا هَمَّامٌ.

١٢٩- أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ [٢] الْعَدَوِيُّ الْكَعْبِيُّ، مِنْ عَرَبِ الحجاز، في


[١] سورة آل عمران- الآية ٨٥.
[٢] انظر عن (أبي شريح الخزاعي) في:
التاريخ الصغير ٨٢، والتاريخ الكبير ٣/ ٢٢٤ رقم ٧٥٦، والجرح والتعديل ٣/ ٣٩٨ رقم