للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدُ الْمَلِكِ مُصْعَبًا بَعَثَ الْحَجّاجُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَبَقِيَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَبْعَثُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْثًا فَتُهْزَمُ خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُرَدُّ أَصْحَابُ الْحَجّاجِ إِلَى الطَّائِفِ [١] ، فَكَتَبَ الْحَجّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ وَمُحَاصَرَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنْ يَمُدَّهُ بِجَيْشٍ، فَأَجَابَهُ وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَحَجَّ الْحَجَّاجُ بِالنَّاسِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي، ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَطَارِقُ وَلَمْ يَطُوفَا بالبيت ولا قربا النساء حتى قتل ابن الزُّبَيْرِ فَطَافَا [٢] .

وَحُصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ لَيْلَةِ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ [٣] وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

وَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حُبْشَانُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ فَلا يَقَعَ لَهُمْ مِزْرَاقٌ إلا فِي إِنْسَانٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا [٤] .

وَكَانَ مَعَهُ أَيْضًا مِنْ خَوَارِجِ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ ذَكَرُوا عُثْمَانَ فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ، فَبَلَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاكَرَهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ [٥] . وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَبِالْقِتَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ زَمْزَمَ فَتَعْصِمُهُمْ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ.

وَثنا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا كَيْفَ تَضْرِبُونَ بِسِيُوفِكُمْ، وَلْيَصُنِ الرَّجُلُ سَيْفَهُ كَمَا يَصُونُ وَجْهَهُ [٦] ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يُخْطِئَ مَضْرِبَ سَيْفِهِ، فَكُنْتَ أرمقه إذا ضرب فما يخطئ مضربا


[١] أنساب الأشراف ٥/ ٣٥٧.
[٢] تاريخ الطبري ٦/ ١٧٤، ١٧٥، الكامل في التاريخ ٤/ ٣٤٩، ٣٥٠.
[٣] وفي تاريخ الطبري ٦/ ١٨٧: «حصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكان حصر الحجّاج لابن الزبير ثمانية أشهر وسبع عشرة ليلة» . وهذا القول في أنساب الأشراف ٥/ ٣٦٨.
[٤] الخبر في أنساب الأشراف ٥/ ٣٦٠، ٣٦١ برواية الواقدي.
[٥] أنساب الأشراف ٥/ ٣٦١.
[٦] انظر: تاريخ الطبري ٦/ ١٩١.