للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبَا جَعْفَرٍ ضَنَّ الأَمِيرُ بِمَالِهِ ... وَأَنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ أَمِيرُ

أَبَا جَعْفَرٍ يَا بْنَ الشَّهِيدِ الَّذِي لَهُ ... جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ يَطِيرُ

أَبَا جَعْفَرٍ مَا مِثْلُكَ الْيَوْمَ أَرْتَجِي ... فَلا تَتْرُكَنِّي بِالْفَلاةِ أَدُورُ [١]

فَقَالَ: يَا أعرابيّ سار الثّقل، فعليك الرَّاحِلَةُ بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ [٢] .

قَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قِيلَ: لِفُلانٍ، اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفًا.

قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَجَزَّأَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَلْقَى فِيهَا الْعُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلا تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيكَ وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ، اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا، مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، فَرَكِبَ عُثْمَانُ ذَاتَ يَوْمٍ فَمَرَّ بِهَا، فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنْ وَلِّنِي [٣] جُزْءَيْنِ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ دُونَ أَنْ تُرْسَلَ إِلَى الَّذِينَ سَفَّهْتَنِي عِنْدَهُمْ فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَلا أَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَنقُصُكَ جُزْءَيْنِ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا [٤] .

وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قال: هُوَ صَادِقٌ، فَاقْبِضْهَا إِذَا شِئْتَ، ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّمَا وَهِمْتُ عَلَيْكَ، الْمَالُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَهُوَ لَهُ، قَالَ:

لا أُرِيدُ ذَلِكَ [٥] .

قُلْتُ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ أَبْلَغِ مَا بَلَغَنَا فِي الْجُودِ.

وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ الله بن جعفر بدجاجة


[١] في تاريخ دمشق ٤١ بزيادة بيت بين الأول والثاني.
[٢] تاريخ دمشق ٤١، سير أعلام النبلاء ٣/ ٤٥٩.
[٣] بيع التولية هو أن يبيع المشتري الشيء بثمنه دون زيادة.
[٤] في طبعة القدسي ٣/ ١٦٥ «أخذتهم» . والخبر في: تاريخ دمشق ٤٣، ٤٤.
[٥] الخبر بتمامه في تاريخ دمشق ٤٤.