للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعَيَّرْتَنِي دَاءً بِأُمِّكِ مِثْلُهُ ... وَأَيُّ حِصَانٍ لا يُقَالُ لَهَا هَلا [١]

وَدَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدِ أَسَنَّتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا رَأَى تَوْبَةُ [٢] مِنْكِ حَتَّى عَشِقَكِ؟ قَالَتْ: مَا رَأَى النَّاسُ مِنْكَ حَتَّى جَعَلُوكَ خَلِيفَةً، فَضَحِكَ وَأَعْجَبَهُ [٣] .

وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهَا: هَلْ كَانَ بَيْنَكُمَا سُوءٌ قَطُّ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ، إِلا أَنَّهُ غَمَزَ يَدِي مَرَّةً.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَأُدْخِلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ، حَسَنَةُ الْخَلْقِ، وَمَعَهَا جَارِيَتَانِ لَهَا، فَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ، فَقَالَ: يَا لَيْلَى، مَا أَتَى بِكِ؟ قَالَتْ: إِخْلَافُ النُّجُومِ، وَقِلَّةُ الْغُيُومِ، وَكَلَبُ الْبَرْدِ، وَشِدَّةُ الْجَهْدِ، وَكُنْتَ لَنَا بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ، وَالنَّاسُ مُسْنَتُونَ، وَرَحَمَةُ اللَّهِ يَرْجُونَ، وَإِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا، قَالَ: هَاتِي، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:

أَحَجَّاجُ لا يُفْلَلْ سِلَاحُكَ إِنَّمَا ... الْمَنَايَا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا

إِذَا هَبَطَ الْحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً ... تَتَبَّعُ أَقْصَى دَائِهَا فَشَفَاهَا

شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ... غُلامٌ [٤] إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا

إِذَا سَمِعَ الْحَجَّاجُ رِزْءَ [٥] كَتِيبَةٍ ... أَعَدَّ لَهَا قَبْلَ النُّزُولِ قِرَاهَا

ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْقَصَّةِ بِطُولِهَا [٦] وَأَنَّ الحجّاج وصلها بمائة ناقة، وقال


[١] الشعر والشعراء ١/ ٣٥٩، ٣٦٠، سمط اللآلي ٢٨٢، خزانة الأدب ٣/ ٣٣.
[٢] هو توبة بن الحميّر، فقد مرّت ترجمته في حرف التاء.
[٣] الأغاني ١١/ ٢٤٠، الشعر والشعراء ١/ ٣٦٠.
[٤] في الأغاني ١١/ ٢٤٩ «فلما قالت:
غلام إذا هزّ القناة سقاها
قال: لا تقولي غلام، قولي همام.
[٥] الرّزء: بالكسر، الصوت تسمعه من بعيد.
وفي طبعة القدسي ٣/ ٢٠٦ «رزء» .
[٦] القصّة بطولها في الأمالي لأبي علي القالي ١/ ٨٦، ٨٩، وهي باختصار في ربيع الأبرار ٣/ ٦٨٨، ٦٨٩.