للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يسمّى آنية النّحل [١] من كرمه وجوده.

وفيه يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

إِنَّمَا مُصْعَبُ شِهَابٌ مِنَ اللَّهِ ... تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ

مُلْكُهُ مُلّكُ عِزَّةٍ [٢] لَيْسَ فِيهِ ... جَبَرُوتٌ مِنْهُ [٣] وَلا كِبْرِيَاءُ

يَتَّقِي اللَّهَ فِي الأُمُورِ وَقَدْ أَفْلَحَ ... مَنْ كَانَ هَمُّهُ الاتِّقَاءُ [٤]

وَفِيهِ يَقُولُ أَيْضًا:

لَوْلا الإِلَهُ وَلَوْلا مُصْعَبٌ لَكُمْ ... بِالطَّفِّ قَدْ ضَاعَتِ الأَحَسْابُ وَالذِّمَمُ

أَنْتَ الَّذِي جِئْتَنَا وَالدِّينُ مُخْتَلَسٌ ... وَالْحُرُّ مُعْتَبَدٌ وَالْمَالُ مُقْتَسَمُ

فَفَرَّجَ اللَّهُ عَمْيَاهَا وَأَنْقَذَنَا ... بِسَيْفٍ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ

مُقَلَّدٌ بِنَجَادِ السَّيْفِ فَضْلُهُ ... فِعْلُ الْمُلُوكِ وَلا عَيْبَ وَلا قِرْمُ

فِي حِكَمِ لُقُمَانَ يَهْدِي مَعَ نَقِيبَتِهِ ... يَرْمِي بِهِ اللَّهُ أَعْدَاءً وَيَنْتَقِمُ

وَبَيْتُهُ الشرف الأعلى سوابغها ... في الدّارعين إذا ما سَأَلْتِ الْخَدَمُ

قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: وَمُصْعَبُ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ [٥] .

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ مُصْعَبٍ [٦] .

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ الشَّعْبيُّ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ مُصْعَبٌ يُحْسَدُ عَلَى الْجَمَالِ، فَنَظَرَ يَوْمًا وَهُوَ يَخْطُبُ إِلَى أَبِي خَيْرَانَ الْحِمَّانِيُّ، فَصَرَفَ وَجْهُهُ عَنْهُ، ثمّ دخل ابن جودان


[١] قال بعض الأشراف في قتله:
عماد بني العاص الرفيع عماده ... وقرم بني العوّام آنية النّحل
(ثمار القلوب ٥٠٨ رقم ٨٢٩) وقد وردت في الأصل «ابنه» .
[٢] في الشعر والشعراء «رحمة» .
[٣] في الشعر والشعراء «جبروت يخشى» .
[٤] الأبيات في: الشعر والشعراء ٢/ ٤٥٠ والكامل في الأدب ٢/ ٢٦٩، والأغاني ٥/ ٧٩، وديوان مصعب بن الزبير ٩١، والعقد الفريد ٢/ ١٧٣.
[٥] الطبقات لابن سعد ٥/ ١٨٣.
[٦] الطبقات.