للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنه: أبو العالية الرياحي- وهو أكبر منه-، وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي.

قال المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن بن أُمِّ بُرْثُنٍ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ، فَعَزَلَهُ وَأَغْرَمَهُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَخَرَجَ إِلَى يَزِيدَ، قَالَ: فَنَزَلْتُ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ دِمَشْقَ، وَضُرِبَ لِيَ خِبَاءٌ وَحُجْرَةٌ، فإني لجالس إذا كلب سلوقي [١] قد دخل في عنقه طوق من ذهب، فأخذته، وطلع فارس، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أَنْ تَوَافَتِ الْخَيْلُ، فَإِذَا هُوَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لِي بَعْدَ مَا صَلَّى: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَتَبْتُ لَكَ مِنْ مَكَانِكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَخَلْتَ. قَالَ: فَأَمَرَ فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنْ رُدَّ عَلَيْهِ مِائَةَ أَلْفٍ، فَرَجَعْتُ، قَالَ: وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَوْمَئِذٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُتِبَ لَهُ فِيهِ الْكِتَابُ ثَلاثِينَ مَمْلُوكًا، وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي فَلْيَرْجِعْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَأَلَّهُ [٢] .

قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَرَمَى غُلامًا لَهُ يَوْمًا بِسَفُّودٍ فَأَخْطَأَهُ، وَأَصَابَ ابْنَهُ، فَنَثَرَ دِمَاغَهُ، فَخَافَ الْغُلامُ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِكَ لِأَنِّي رَمَيْتُكَ مُتَعَمِّدًا، فَلَوْ قَتَلْتُكَ هَلَكْتُ، وَأَصَبْتَ ابْنِي خَطَأً، ثُمَّ عَمِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدُ، وَمَرِضَ، فَدَعَا اللَّهَ أَنْ لا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْحَكَمُ، يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ، وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَشُغِلَ الْحَكَمُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ [٣] .

وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: إِنَّ أُمَّ بُرْثُنٍ كَانَتْ تُعَالِجُ الطِّيبَ، وَتُخَالِطُ نِسَاءَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَصَابَتْ غُلامًا لَقَطَتْهُ فَرَبَّتْهُ وَتَبَنَّتْهُ، وَسَمَّتْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَنَشَأَ، فَوَلاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ [٤] .

قُلْتُ: وَكَانَ الْحَكَمُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ


[١] الكلب السّلوقي: كلب الصيد.
[٢] التألّه: التنسّك والتعبّد، على ما في القاموس المحيط للفيروزآبادي. والخبر في تاريخ دمشق ٩/ ٢٤ أ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢/ ٧٧٣.
[٣] تهذيب الكمال ٢/ ٧٧٣.
[٤] تهذيب الكمال ٢/ ٧٧٣.