للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خليلك دعاك لأهل مكة، وأنا نبيُّك ورسولك أدعوك لأهل المدينة، اللَّهمَّ بارك لهم فِي مدِّهم وصاعهم وقليلهم وكثيرهم، ضعفي ما باركت لأهل مكة، اللَّهمَّ ارزقهم من هاهنا وهاهنا- وأشار إلى نواحي الأرض كلّها- اللَّهمَّ من أرادهم بسوء فأذبه كَمَا يذوب الملح فِي الماء» [١] . ثُمَّ التفت إلى الشيخين فَقَالَ: ما تقولان؟ قالا: حديث معروف مروي، وقد سمعنا أيضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين هذين [٢] . وأشار كلُّ واحد منهما إلى قلبه. رَوَاهُ ابن أَبِي خيثمة فِي تاريخه عَن الحزامي عَنْهُ. قَالَ ابن وهب: ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن زيد بْن أسلم قَالَ: لَمَّا توفِّي عُمَر ابن عَبْد العزيز وولى يزيد قَالَ: سيروا بسيرة عُمَر بْن عَبْد العزيز، قَالَ: فأتى بأربعين شيخا فشهدوا لَهُ: ما عَلَى الخلفاء حساب ولا عذاب. وقَالَ روح بْن عبادة: ثَنَا حجَّاج بْن حسان التَّيمي، ثَنَا سليم بْن بشير قَالَ: كتب عُمَر بْن عَبْد العزيز إلى يزيد بْن عَبْد الملك حين احتضر: سلام عليك، أما بعد فإنّي لا أرى إلّا ملما بي، فاللَّه، الله، فِي أمة مُحَمَّدً فإنك تدع الدُّنْيَا لمن لا يحمدك، وتفضي إلى من لا يعذرك، والسلام.

قَالَ الزُّبير بْن بكار: ثَنَا هَارُونَ الفروي، حدَّثَنِي مُوسَى بن جعفر بن أبي كثير، وابن الماجشون قالا: لَمَّا مات عُمَر بْن عَبْد العزيز قَالَ يزيد: والله ما عُمَر بأحوج إلى الله مني، فأقام أربعين يوما يسير بسيرة عُمَر، فَقَالَت حبابة لخصي لَهُ- كَانَ صاحب أمره: ويحك قرِّبني منه حَيْثُ يسمع كلامي، ولك عشرة آلاف درهم، ففعل، فلما مر يزيد بِهَا قَالَتْ:

بكيت الصبا جهدا فمن شاء لامني ... ومن شاء آسى في البكاء وأسعدا


[١] أخرجه البخاري ٤/ ٢٩٠ في البيوع، باب: بركة صاع النبيّ صلى الله عليه وسلم ومدّه. وفي: الأيمان والنذور باب: صاع المدينة، ومدّ النبي صلى الله عليه وسلم وبركته، وفي الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم، ومسلم رقم ١٣٦٨ في الحج، باب فضل المدينة، والموطأ ٢/ ٨٨٤ و ٨٨٥ في الجامع، باب الدعاء للمدينة وأهلها.
[٢] له شاهد في مسند أحمد ٤/ ٥٥ و ٥٦، المعجم الكبير للطبراني ٧/ ١٦٩ رقم ٦٦٣١.