للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعْبَدٍ» ؟ قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: «هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ» ؟

قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا، فَدَعَا بِهَا، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، فَتَفَاجَّتْ [١] عَلَيْهِ [٢] ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ [٣] الرَّهْطَ، فَحَلَبَ [٤] ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ، ثُمَّ سَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ [٥] . ثُمَّ حَلَبَ [٦] ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَبَايَعَهَا، وَارْتَحَلُوا عَنْهَا.

فَقَلَّمَا لَبِثَتْ، حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ، يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا [٧] مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ وَالشَّاءُ [٨] عَازِبٌ حِيَالٌ [٩] ، وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: صِفِيهِ لِي [١٠] .

قَالَتْ: رَجُلٌ [١١] ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْخَلْقِ، لَمْ تُعِبْهُ ثَجْلَةٌ [١٢] ، لَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةُ [١٣] ، وَسِيمٌ قسيم [١٤] ، في عينيه دعج، وفي أشفاره


[١] تفاجّت: التفاج: المبالغة في تفريج ما بين الرجلين، وهو من الفجّ الطريق.
[٢] «عليه» غير موجودة في (ع) .
[٣] يربض: الإرباض: الإرواء.
[٤] في المذيّل «فحلب فيه» .
[٥] زاد في ذيل المذيّل، ومجمع الزوائد: «ثم أراضوا» .
[٦] في ذيل المذيّل «حلب فيه» .
[٧] يتساوكن هزالا: يتمايلن من الضّعف.
[٨] في ذيل المذيّل «الشاة» .
[٩] عازب حيال: أي بعيدة المرعى، لا تأوي إلى المنزل إلّا في الليل. والحيال: جمع حائل، وهي التي لم تحمل.
[١٠] في ذيل المذيّل «يا أمّ معبد» .
[١١] في ذيل المذيّل «رأيت رجلا» .
[١٢] في الذيل «نحلة» .
[١٣] الصعلة: صغر الرأس. وفي الذيل «صقلة» .
[١٤] القسام: الجمال. رجل مقسم الوجه، وقسيم الوجه.