للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَطَفٌ [١] ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ [٢] ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ [٣] ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فَصْلٌ [٤] لَا نَزْرٌ وَلَا هَذَرٌ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ لَا يَائُسٌ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ [٥] عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ [٦] الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا [٧] لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ، لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ [٨] .

قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: فَهَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ، الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أمره [٩] ، ولقد هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ [١٠] إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.

وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ [١١] ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ

هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ ... فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى [١٢] رَفِيقَ محمد


[١] زاد في المذيّل: «قال أبو هشام: عطف» . وهو طول الأشفار.
[٢] في الذيل: «صهل» قال الشيخ: «وهو خطأ وإنّما هو صحل، بالحاء» . وهو صوت فيه بحّة.
[٣] السطع: طول العنق.
[٤] فصل: أي منطقه وسط.
[٥] لا تقتحمه: أي لا تزدريه.
[٦] في الذيل «أنضر» .
[٧] في الذيل «نصتوا لقوله. قال الطبري: وإنّما هو أنصتوا لقوله» .
[٨] زاد في الذيل: «قال أبو هشام: ولا معتد، وهو خطأ» .
[٩] زاد في الذيل «ما ذكر بمكة» .
[١٠] «ولأفعلنّ» ليست في الذيل.
[١١] في الذيل: «فأصبح صوت ببكة عاليا» .
[١٢] في مجمع الزوائد «من أضحى» .