للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْ كَانَ فِي الْمَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالْمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ الْعِبَادْ

فَلَمَّا طَالَ أمْرُ الأَخَوَيْنِ عَلَى الْمَنْصُورِ أَمَرَ رِيَاحًا بِأَخْذِ بَنِي حَسَنٍ وَحَبْسِهِمْ، فَأَخَذَ حَسَنًا وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ حَسَنٍ بْنِ حَسَنٍ وَحَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَسُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ دَاوُدَ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ عَلِيًّا الْعَابِدَ، ثُمَّ قَيَّدَهُمْ وَجَهَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسَبِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخِيهِ فَسَبَّحَ النَّاسُ وَعَظَّمُوا مَا قَالَ، فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلْصَقَ اللَّهُ بِوُجُوهِكُمُ الْهَوَانَ لأَكْتُبَنَّ إِلَى خَلِيفَتِكُمْ غِشَّكُمْ وَقِلَّةَ نُصْحِكُمْ، فقالوا: لا سمع منك يا بن الْمَحْدُودَةِ [١] وَبَادَرُوهُ يَرْمُونَهُ بِالْحَصَى، فَنَزَلَ وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، فَحَفَّ بِهَا النَّاسُ فَرَمَوْهُ وَشَتَمُوهُ، ثُمَّ أَنَّهُمْ كَفُّوا، ثُمَّ إِنَّ آلَ حَسَنٍ حُمِلُوا فِي أَقْيَادِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، وَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَهَمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ مِنْ دَارِ مَرْوَانَ جَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا تُحْفَظُ للَّه حُرْمَةٌ بَعْدَ هَؤُلاءِ، وَأُخِذَ مَعَهُمْ أَخُوهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ محمد ابن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتُ الْحُسَيْنِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ يَخْرُجُونَ مِنْ دَارِ مَرْوَانَ وَهُمْ فِي الْحَدِيدِ فَيُجْعَلُونَ فِي الْمَحَامِلِ عُرَاةً لَيْسَ تَحْتَهُمْ وِطَاءٌ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْتُ الاحْتِلامَ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي- وَأُخِذَ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ، فَأَرَاهُمْ بِالرَّبَذَةِ مُلْتَفِّينَ فِي الشَّمْسِ- وَسُجِنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَوَافَى الْمَنْصُورَ الرَّبَذَةَ مُنْصَرِفًا مِنَ الْحَجِّ فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مِنَ الْمَنْصُورِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ دَعَانِي الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الْفَاسِقَانِ ابنا الفاسق، فقلت: هل ينفعني


[١] في تاريخ الطبري ٧/ ٥٣٧ «لا نسمع منك يا بن المحدود» .