للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ غَسَّانَ بْنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ: يَسُرُّكَ أَنَّ لَكَ مِائَةَ أَلْفٍ؟

فَقَالَ: لِأَنْ تُنْدَرَ عَيْنَايَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ شَيْخُنَا [١] فِي «التَّهْذِيبِ» [٢] قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَخْوَفَ للَّه مِنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ. كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ. وَكَانَ قَدْ حَفَرَ قَبْرَهُ وَخَتَمَ فِيهِ الْقُرْآنَ. وَكَانَ وِرْدُهُ ثُلُثَ الْقُرْآنَ. وَكَانَ ضَيْغَمٌ صَدِيقٌ لَهُ فَمَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.

وَقَالَ غَسَّانُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي بِشْرٌ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَمِّي فَاتَتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى [٣] . وَأَوْصَانِي فِي كُتُبِهِ أَنْ أَغْسِلَهَا أَوْ أَدْفِنَهَا.

قَالَ غَسَّانُ: وَكُنْتُ أَرَاهُ إِذَا زَارَهُ الرَّجُلُ مِنْ إِخْوَانِهِ قَامَ مَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ. فَعَلَ بِي ذَلِكَ كَثِيرًا. رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ غَسَّانَ. ثُمّ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمَهْدِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْخَالِقِ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا يَكُونُ.

فَإِنْ كَانَ يَعْنِي فَضِيحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَانَ مَنْ يَعْرِفُكَ قَلِيلا [٤] .

وَثَنَا سَهْلُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ بِشْرٌ يُصَلِّي فَطَوَّلَ، وَرَجُلٌ وَرَاءَهُ يَنْظُرُ، فَفَطِنَ لَهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لا يُعْجِبُكَ مَا رَأَيْتَ مِنِّي، فَإِنَّ إِبْلِيسَ قَدْ عَبْدَ اللَّهَ كَذَا وَكَذَا مَعَ الْمَلائِكَةِ.

وَعَنْ بِشْرٍ قَالَ: مَا جَلَسْتُ إِلَى أَحَدٍ فَتَفَرَّقْنَا إِلا عَلِمْتُ بِأَنِّي لَوْ لَمْ أَقْعُدْ مَعَهُ كَانَ خَيْرًا لِي [٥] .

قَالَ سَيَّارٌ: نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ فِي المنام فقلت: ما صنع الله بك؟


[١] أي الحافظ أبو الحجّاج يوسف المزّي المتوفى سنة ٧٤٢ هـ.
[٢] أي «تهذيب الكمال» - ج ٤/ ١٥٣.
[٣] صفة الصفوة ٣/ ٣٧٦.
[٤] صفة الصفوة ٣/ ٣٧٦.
[٥] صفة الصفوة ٣/ ٣٧٦.