للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ [١] : صَالِحٌ قَاصٌّ، حَسَنُ الصَّوْتِ، وَعَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُنْكَرَاتٌ، يُنْكِرُهَا الأَئِمَّةُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِالأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، بَلْ يَغْلَطُ شَيْئًا [٢] .

وَقِيلَ كَانَ صَالِحٌ مَوْلًى لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ [٣] .

قَالَ الْبُرْجُلانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ: سَمِعْتُ صَالِحًا يَقُولُ:

لِلْبُكَاءِ دَوَاعٍ: الْفِكْرَةُ فِي الذُّنُوبِ، فَإِنْ أَجَابَتْ عَلَى ذَلِكَ الْقُلُوبُ وَإِلا نَقَلْتَهَا إِلَى الْمَوْقِفِ وَتِلْكَ الشَّدَائِدِ وَالأَهْوَالِ، فَإِنْ أَجَابَتْ وَإِلا فَاعْرِضْ عَلَيْهَا التَّقَلُّبَ بَيْنَ أَطْبَاقِ النِّيرَانِ. ثُمَّ إِنَّهُ صَاحَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَضَجَّ النَّاسُ [٤] .

قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ شَدِيدَ الْخَوْفِ للَّه، كَأَنَّهُ ثَكْلَى إِذَا قَصَّ [٥] .

وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ بِالتَّحْزِينِ. يُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ بِالْبَصْرَةِ بِالتَّحْزِينِ.

قَالَ: وَقَالَ إِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ صَالِحٍ مَاتَ مِنْهَا.

وَيُقَالُ إِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ لَمَّا دَخَلَ الْبَصْرَةَ وَاخْتَفَى عِنْدَ مَرْحُومٍ الْعَطَّارِ، فَقَالَ لَهُ مَرْحُومٌ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَاصًّا عِنْدَنَا؟

فَأَتَاهُ عَلَى نَكْرَةٍ عَلَى أَنَّهُ كأحد القصّاص، فلمّا سمع كلامه وتلاوته وسمعته يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلانٌ، وَحَدَّثَنِي فُلانٌ، قَالَ لِمَرْحُومٍ: تَقُولُ هَذَا قَاصٌّ، إِنَّمَا هَذَا نَذِيرٌ [٦] ، وَأُعْجِبَ بِهِ.

وَقَالَ عَفَّانُ: كُنَّا نَحْضُرُ مَجْلِسَ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، وَكَانَ إِذَا قَصَّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مَذْكُورٌ يفزعك أمره من حزنه وكثرة بكائه [٧] .


[١] في الكامل ٤/ ١٣٨١.
[٢] في المطبوع من (الكامل) : «بينا» بدل «شيئا» .
[٣] تاريخ بغداد ٩/ ٣٠٦، صفة الصفوة ٣/ ٣٥٠.
[٤] حلية الأولياء ٦/ ١٦٧ صفة الصفوة ٣/ ٣٥١.
[٥] حلية الأولياء ٦/ ١٦٧، تاريخ بغداد ٩/ ٣٠٨، وفيات الأعيان ٢/ ٤٩٥.
[٦] الطبقات الكبرى لابن سعد ٧/ ٣٨١ وفيه تصحّفت «قاص» إلى «عاص» ، حلية الأولياء ٦/ ١٦٧، تاريخ بغداد ٩/ ٣٠٨، صفة الصفوة ٣/ ٣٥١.
[٧] حلية الأولياء ٦/ ١٦٧، تاريخ بغداد ٩/ ٣٠٨، صفة الصفوة ٣/ ٣٥١، وفيات الأعيان ٢/ ٤٩٥.