للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن شقيق قَالَ: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميّزت بين الدنيا والآخرة، فأصبته في حرفين. قوله تعالى: وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا [١] ٢٨: ٦٠ وَما عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقى ٢٨: ٦٠ [٢] .

وعن حاتم الأصمّ، عَنْ شقيق قَالَ: لو أن رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف هذه والأربعة لم يَنْجُ: أوّلها معرفة الله تعالى، الثاني: معرفة النفس، الثالث: معرفة أمر الله ونهيه، الرابع معرفة عدّو الله وعدّو النفس [٣] .

قَالَ أبو عقيل الرَّصافيّ: نا أحمد بْن عَبْد الله الزّاهد: سَمِعْتُ شقيق بْن إبراهيم يَقُولُ: ثلاث خِصال هِيَ نتاج الزُّهْد:

الأولى: أن تميل عَنِ الهوى.

الثانية: تنقطع إلى الزُّهْد بقلب.

الثالث: أن يذكر إذا خلا كيف مدخله ومخرجه، كيف يدخل قبره؟

ويذكر الجوع، والعطش والحساب والصراط والعري والفضيحة وطول القيام [٤] .

وقد ذُكِر عَنْ شقيق مَعَ انقطاعه وزُهده أنّه من كبار المجاهدين في سبيل الله. وكذا فلْيكن زُهد الأولياء رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.

روى محمد بْن عِمران، عَنْ حاتم الأصمّ قَالَ: كنّا مَعَ شقيق ونحن مُصافُّوا العدّو وَالتُّرْكَ، في يوم لا أرى فيه إلا رءوسًا تندر، وسيوفًا تُقطع، ورِماحًا تُقصف. فقال لي: كيف ترى نفسك؟ هِيَ مثل الليلة التي زُفّت فيها إليك امرأتك؟ قلت: لا والله! قَالَ: ولكنّي أرى نفسي كذلك. ثمّ نام بين الصَّفَّيْن ودَرَقَتُه [٥] تحت رأسه حَتَّى سمعت غطيطُه. فأخذني يومئذ تركيّ


[١] سورة الشورى، الآية ٤٦.
[٢] سورة القصص، الآية ٦٠، وسورة الشورى، الآية ٣٦.
والخبر في حلية الأولياء ٨/ ٦٠، وطبقات الصوفية للسلمي ٦٤.
[٣] باختصار عن الحلية ٨/ ٦٠، ٦١.
[٤] باختصار عن الحلية ٨/ ٦٢.
[٥] الدرقة: الترس من جلد ليس فيه خشب ولا عقب.