للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطرافه، ثمّ هطلت السماء ومُطِرنا. فخرج الناس في الطّين والمطر، فَدُفِعَت، يعني الصَّدقات، إلى اللّيث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما لصاحبه: لا يُحَرَّك. ووكّلوا بِهِ الثَّقات حتى أصبحوا. فرحتُ أَنَا إلى الإسكندريّة، فبينا أَنَا أطوف عَلَى حصنها إذا رجلٌ يرمقني، فقلت: ما لك؟

قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم! قَالَ: إنّك صرت فتنة. قَالُوا:

ذاك الخَضِر دعا، فاستُجيب لَهُ.

قلت: بل أَنَا العبد الخاطئ. فقدِمتُ مصر، فلقيت اللَّيْثُ فلمّا نظر إلى قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم!.

فأقطعني خمسة عشر فَدَّانًا، وصرت إلى ابن لهيعة فأقطعني خمسة فدادين [١] .

عليّ بْن خَشْرم: نا منصور (ح) وأبو داود، عَنْ قُتَيْبة، عَنْ منصور قَالَ:

قدِمت مصر وبها قحط، فتكلّمتُ، فبذلوا صدقات كثيرة. فأُتيّ بي إلى اللّيث فقال: ما حملك على أن تكلّمت ببلدنا بغير أمرنا.

قلتُ: أصلحك الله، أعرضُ عليك، فإن كَانَ مكروهًا نهيتني.

قَالَ: تكلّم. فتكلَّمت، فقال: قم، لا يحلّ أن أسمع هذا وحدي.

قَالَ: وأخرج إليّ بعد هذا حلية قيمتها ثلاثمائة دينار.

ثمّ لمّا خرج النّاس ناولني كيسًا فيه ألف دينار، وقال: لا تُعْلِم بِهِ ابني فتهون عَليْهِ [٢] .

وقال أبو حاتم: نا سُلَيْم بْن منصور، نا أَبِي قَالَ: أعطاني اللَّيْثُ ألف دينار [٣] .

قَالَ عليّ بْن خَشْرَم: سمعت منصورًا يَقُولُ: المتكلّمون ثلاثة: الحَسَن البصْريّ، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعون بْن عَبْد الله. قلت: فأنت الرابع [٤] .


[١] تاريخ بغداد ١٣/ ٧٢، ٧٣، تاريخ دمشق ٤٣/ ٤٣٤، ٤٣٥.
[٢] تاريخ بغداد ١٣/ ٧٣، ٧٤، تاريخ دمشق ٤٣/ ٤٣٥.
[٣] وفيات الأعيان ٤/ ١٢٧.
[٤] تاريخ بغداد ١٣/ ٧٤.