للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأمون: ذنبي أعظم من أن يحيط به عُذْر، وعفوك أعظم من أن يتعاظمه ذَنْب [١] .

وعن حُمَيْد بن قُرَّةَ أن المأمون قال لعمّه إبراهيم: يا إبراهيم أنت المتوثّب علينا تدّعي الخلافة؟.

فقال: يا أمير المؤمنين أنت وليّ الثّأر، والمحكَّم في القِصاص، والعفو أقرب للتَّقْوى. وقد جعلك الله في كلّ ذي ذنب. فإنْ أخذتَ أخذتَ بحقّك، وإنْ عفوتَ عَفَوْتَ بفضل. ثمّ ذكر له حديثًا في العَفْو فقال: قد قَبِلتُ الحديث وعفوت عنك. ها هنا يا عمّ، ها هنا يا عمّ [٢] .

وقال ابن الأنباريّ: ثنا أحمد بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن المهديّ، ثنا جماعة، والأصحّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نُوقش يوم الحساب عُذِّب» . كذا أخرجه الحافظ ابن عساكر [٣] في صدر ترجمة إبراهيم، وهو إبراهيم بن مهديّ المِصِّيصيّ إن شاء الله.

وقال إبراهيم الحربيّ: نُودي سنة ثمانٍ ومائتين أنّ أمير المؤمنين قد عفا عن عمّه إبراهيم.

وكان إبراهيم حَسَن الوجه، حَسَن الغناء، حَسَن المجلس، رأيته وأنا مع القواريريّ يَوْمًا، وكان على حمار، فقبّل القواريريّ فخذه [٤] .

وقال داود بن سليمان الأنباريّ: حَدَّثَنَا ثُمامة بن أشرس، قال: قال لي المأمون قد عزمتُ على تفْزيع عمّي.

قال: فحضرتُ، فبينا نحن على السِّماط إذ سَمِعْتُ صلصلة الحديد، فإذا بإبراهيم موقوف على البساط، ممسوك بضبعَيْه، مغلولة يده إلى عنقه، قد تبدّل


[١] تاريخ بغداد ٦/ ١٤٦.
[٢] تاريخ بغداد ٦/ ١٤٥، تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ٢٦٦، وانظر: العقد الفريد ٤/ ٢١٦.
[٣] تهذيب تاريخ بغداد ٢/ ٢٦٦.
[٤] تاريخ بغداد ٦/ ١٤٦.