للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرشيد ثُمَّ أعتقه. قاله أَبُو الفرج الإصبهانيّ [١] .

قَالَ محمد بْن خَلَف وكيع: حدَّثَنِي هارون بْن مُخَارق قَالَ: كَانَ أَبِي إذا غَنَّى هذا الصّوت بكى:

يا ربعَ سلمى لقد هيَّجْتَ لِي طَرَبًا [٢] .

ويقول: غنّيته للرشيد فأعتقني، وقال: أعِدْهُ. فلمّا أعَدْتُه قَالَ: سَلْ حَاجَتك.

قلتُ: ضيعة يقيمني عليها.

قَالَ: قد أمرتُ لك، فأعِدْهُ.

فأعدتُه، فقال: حاجتُك؟ قلتُ: تأمر لي بِمنزل وفَرش وخادم. قَالَ: ذَلِكَ لك، أعِد الصَّوْت. فأعدْتُه، فبكى وقال: سل حاجتك؟ فقبّلت الأرض، وقلتُ:

أن يطيلَ اللَّه عُمُرك، ويجعلني من كل سوء فِداك [٣] .

روى عَبد اللَّه بْن أَبِي سعد، عَنْ محمد بْن محمد قَالَ: كَانَ والله مُخارق [مِمَّن لو تنفَّس] [٤] لأَطْرَب من يسمعه بنَفَسه.

وذكر صاحب «الأغاني» [٥] قَالَ: قَالَ محمد بْن الْحَسَن الكاتب: حدَّثني محمد بْن أَحْمَد بْن يحيى المكيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خرج مُخَارق مَعَ بعض إخوانه متنّزهًا، فنظرَ إلى قوس فسأله إيّاها، فبَخِلَ بِهَا، وسنحت ظِبَاءٌ بالقرب منه، فقال لصاحب القَوْس: أرأيت إن تَغَنَّيت صَوْتًا فعَطَفت بِهِ خدودَ هذه الظِّبَاء، أتدفعُ لي القَوْس؟.

قَالَ: نَعَمْ.

فاندفعَ يُغَنِّي بأبياتٍ، فتعطّفت الظِّبَاءُ راجعة إليه، حتّى وقفت بالقرب منه


[١] في: الأغاني ١٨/ ٣٣٦.
[٢] وتكملته:
زدت الفؤاد على علّاته وصبا ... ربع تبدّل ممّن كان يسكنه
عفر الظّباء وظلمانا به عصبا
[٣] الأغاني ١٨/ ٣٤٠، ٣٤١.
[٤] ما بين الحاصرتين استدركته من (الأغاني ١٨/ ٣٥٨) ، وفي الأصل بياض.
[٥] ج ١٨/ ٣٥٨.