للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الْحُسَيْن بْن حبّان: قَالَ ابن معين: دفع إليّ ابن وَهْب كتابًا عَنْ مُعَاويَة بن صالح خمسمائة حديث أو أكثر، فانتقيتُ منها شرارها. لَم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهْب؟ قَالَ: لا.

قلتُ: يعني أنّه كَانَ مبتدئًا [لا يحسن الانتخاب، فعلنا نحو هذا وندمنا بعد] [١] .

قَالَ أَبُو زُرْعَة: لم ينتفَع بيحيى لأنه كَانَ يتكلمُ فِي النّاس. وكان أَحْمَد بْن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يَحْيَى بْن مَعِينٍ، ولا عَنْ أحدٍ ممن امتُحن فأجاب.

قلتُ: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَهُ أُبَّهة وجلالة. وله بَزّة حَسنة. وكان يركبُ البَغْلَة ويتجمّل. فأجاب فِي المحنة خوفًا عَلَى نفسه.

قَالَ حُبَيْش بْن مبشّر الفقيه: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يحج، فآخر حجة حجها ورجع ووصل إلى المدينة، أقام بِهَا يومين ثلاثة. ثُمَّ خرج حتى نزل المنزل مَعَ رُفقائه، فباتوا. فرأى فِي النّوم هاتِفًا يهتف بِهِ: يا أَبَا زكريّا أترغبُ عَنْ جواري، مرّتين؟.

فلمّا أصبح قَالَ لرُفقائه: امضوا. ورجعَ فأقام بِهَا ثلاثًا، ثُمَّ مات، فحُمِلَ عَلَى أعواد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [٢] ، وصلّى عَلَيْهِ النّاس، وجعلوا يقولون: هذا الذّابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَذِب [٣] .

قَالَ الخطيب [٤] : الصحيح أَنَّهُ مات فِي ذهابه قبل أن يحجّ [٥] .


[١] ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، استدركته من: سير أعلام النبلاء ١١/ ٩٠.
[٢] وفيات الأعيان ٦/ ١٤١.
[٣] تاريخ بغداد ١٤/ ١٨٥، ١٨٦.
[٤] في تاريخه ١٤/ ١٨٦، وفي طبقات ابن سعد ٧/ ٣٥٤: توفي بمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم، وهو متوجّه إلى الحج.
[٥] وقد تعقّب ابن خلكان قول الخطيب، فقال: هو غلط قطعا، لما تقدّم ذكره، وهو أنه خرج إلى مكة للحج، ثم رجع إلى المدينة ومات بها، ومن يكون قد حجّ كيف يتصوّر أن يموت بذي القعدة من تلك السنة؟ فلو ذكر أنه توفي في ذي الحجة لأمكن. وكان يحتمل أن يكون هذا غلطا من الناسخ، لكني وجدته في نسختين على هذه الصورة، فيبعد أن يكون من الناسخ، والله أعلم. ثم ذكر بعد ذلك أن الصحيح أنه مات قبل أن يحجّ، وعلى هذا يستقيم ما قاله من تاريخ الوفاة. (وفيات الأعيان ٦/ ١٤١، ١٤٢) .