وقال أبو صَفْوان إسحاق: دخلتُ على أبي يومًا، وهو في البستان يأكل وحده، فرأيتُ في مائدته عُصْفُورًا يأكل معه، فلمّا رآني العصفور طار.
وعن أحمد بن إسحاق السّرْماريّ قال: ينبغي لقائد الغُزاة عشْر خِصال: أن يكون في قلب الأسد لا يجبُن، وفي كبر النِّمر لا يتواضع، وفي شجاعة الدُّبّ يقتل بجوارحه كلّها، وفي حملة الخنزير لا يُولّي دُبُرَه، وفي إغارة الذّئب إذا آيس من وجه أغار من وجه، وفي حمل السّلاح كالنّملة تحمل أكثر من وزنها، وفي الثَّبات كالصَّخْر، وفي الصّبر كالحمار، وفي وقاحة الكلب لو دخل صيده النّار لَدَخَل خلْفه، وفي التماس الفُرصة كالدّيك.
أخبرني أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخلال، أَنَا جعفر الهمدانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفّي، أنا المبارك بن الطُّيُوريّ، وأبو عليّ البَردانيّ قالا: أنا هَنّاد النَّسَفيّ، أنا محمد بن أحمد غُنْجار: سمعتُ أبا بكر محمد بن خالد المُطِّوَعيّ: سمعتُ أبا الحَسَن محمد بن إدريس المطّوّعّيّ البخاريّ: سمعتُ إبراهيم بن شمّاس يقول: كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السُّرْماريّ، فكتب إليّ: إذا أردتّ الخروج إلى بلاد الغُزّية في شراء الأسرى فاكتب إليّ. فكتب إليه فقدم إلى سمرقند فخرجنا.
فلما علم جَبْغَويه استقبلنا في عدّة من جيوشه، فأقمنا عنده، إلى أن فرغنا من شراء الأسرى. فركب يومًا وعرض جيشه فجاء رجلٌ فعظَّمه وبجَّله وخلع عليه، فسألني السُّرْماريّ عن الرجل، فقلت: هذا رجل مبارز يُعَدُّ بألف فارس، لا يولّي من ألف.
فقال: أنا أبارزه.
فلم التفتْ إلى قوله، فسمع جبغويْه ذلك، فقال لي: ما يقول هذا؟
قلت: يقول كذا وكذا.
فقال: لعلّ هذا الرجل سكران لا يشعر، ولكنْ غدًا نركب.
فلمّا كان الغد ركب، وركب هذا المبارز، وركب أحمد السُّرْماريّ ومعه عامود في كُمّه، فقام بإزائه، فدنا منه المبارز، فهزَم أحمد نفسه منه حتّى باعده من الجيش، ثمّ ضربه بالعامود قتله، وتبع إبراهيم بن شمّاس لأنّه كان سبقه