للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كان إبراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمُخارقِ [١]

فلمّا بَلَغَت هذه الأبيات للمأمون ضحِك وقال: قد غفرنا لدِعْبِل كلّ ما هجانا به. وآمَنَه، فسار دِعبل إليه ومدحه لكون المأمون كان يتشيّع، فإنه عهد إلى الرضّا، وكتب اسمه على السّكّة. وأقبلَ يجمع ما جاء فِي فضائل أهل البيت.

وكان دِعبل أوّل داخل إليه وآخر خارجٍ من عنده. فلم يَنْشَب أن هجا المأمون، وبعث إليه بهذه الأبيات:

ويسومُني المأمونُ خِطّةَ ظالمٍ [٢] ... أوَ ما رَأَى بالأمس رأيَ [٣] محمد

إنّي من القوم الّذين سيوفُهُم ... قتلت أخاك، وشَرُّ فَتْكٍ بمُقْعَد

شادوا بذِكرك بعد طُول خُمُولِه ... واستنقذوك من الحضيضِ الأوهَدِ

ثُمَّ إنه مدح المعتصم ونَفَق عليه وأجزل له الصِّلات، فما لبث أن هجاه وهرب.

وله القصيدة الطّنّانة فِي أهل البيت تدلّ على رفضه:

مدارسُ آياتٍ خَلَت من تلاوةٍ ... ومنزلٌ وحيٌّ مُقْفَر العَرَصات

لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالرّكن والتعريف والْجَمَرات

ألم تر أنّي مُذْ ثلاثين حَجّة ... أروح وأغْدو دائم الحَسَرَاتِ

أرى فَيْئهم فِي غيرهم متقسّمًا ... وأيديهم من فَيْئهم صَفَرات

وآل رسول اللَّه نُحْفٌ جُسومُهُم ... وآل زياد غُلَّظُ الرَّقبات [٤]

بِناتُ زيادٍ فِي القصور [٥] مَصُونة ... وبنت رسول اللَّه فِي الفَلَوات

ولولا الَّذِي أرجوه فِي اليوم أو غدٍ ... تقطَّع قلبي إثرهم حسرات [٦]


[١] الأبيات في: تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٣٧، ومنها أربعة أبيات في: الأغاني ٢٠/ ١٨١.
[٢] في الأغاني: «خطة عاجز» .
[٣] في الأغاني: ٢٠/ ١٧٤ «رأس» .
[٤] في تهذيب تاريخ دمشق: «غلظ القصرات» .
[٥] في تهذيب التاريخ: «في الخدور» .
[٦] تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٣٧.