للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يوسف بْن الْحُسَيْن، حضرتُ مع ذي النّون مجلس المتوكّل، وكان مولعا به يفضّله على العُبّاد والزُّهّاد، فقال: يا أَبَا الفيض صِف لي أولياء اللَّه.

قال: يا أمير المؤمنين هُمْ قوم أَلْبَسهم اللَّه النّورَ السّاطع من محبّته، وجلّلهم بالبهاء من أرْدية كرامته، ووضع مَفَارقهم تيجان مَسَرَّته، ونشر لهم المحبّة فِي قلوب خليقته، ثمّ أخرجهم وقد ودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلَّمة بمواصلة المحبوب، فقلوبهم إليه سائرة، وأَعْيُنُهم إلى عظيم جلاله ناظِرة. ثُمَّ أجلسهم بعد أن أحسنَ إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدّواء، وعرَّفهم منابت الأدواء، وجعل تلاميذهم أهل الورع والتُّقَى، وضمِن لهم الإجابة عند الدّعاء، وقال: يا أوليائي لو أتاكم عليلٌ من فَرَقي فداووه، أو مريض من إرادتي فعالجوه، أو مجروح بِتَرْكي إياه فلاطِفُوه، أو فارٌّ منّي فرغِّبوه، أو خائف منّي فأمِّنوه [١] ، أو مستوصف نحوي فأرشدوه، أو مسيء فعاتبوه. أو استغاث بكم ملهوف فأغيثوه.

فِي فَصْلٍ طويل [٢] .

ولذي النون ترجمة طويلة فِي «تاريخ دمشق» [٣] ، وأخرى فِي «حِلْية الأولياء» [٤] .

وما أحسن قوله: العارف لا يلتزم حالةً واحدة، ولكنْ يلتزم أمرّ ربّه فِي الحالات كلّها [٥] .

قد تقدَّمت وفاته في سنة خمس. وكذا ورّخه عُبَيْد الله بن سعيد بن عُفَيْر.

وأمّا حيّان بن أحمد السَّهْميّ فقال: مات بالجيزة وعُدّيَ به إلى مصر في مركبٍ خوفا من زحمة النّاس على الجسْر لليلتين خَلَتا من ذي القعدة سنة ستّ وأربعين [٦] .


[١] هنا زيادة: «أو قصد نحوي فآووه، أو جبان من متاجرتي، فجدوه، أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشّروه، أو حسّن الظنّ بي فباسطوه، أو محبّ لي فواصلوه، أو معظّم لقدري فعظّموه» . (تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٧٨) .
[٢] انظر: تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٧٨.
[٣] تهذيبه ٥/ ٢٧٤- ٢٩١.
[٤] ج ٩/ ٣٣١- ٣٩٥.
[٥] طبقات الصوفية للسلمي ٢٦، الزهد الكبير للبيهقي ٢٩٨، ٢٩٩ رقم ٧٩٥.
[٦] تاريخ بغداد ٨/ ٣٩٧، صفة الصفوة ٤/ ٣٢١.