للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْلِم السَّعْديّ قال: دخلتُ على يحيى بْن أكثم فقال: افتح هذا القِمَطْر، ففتحتها، فإذا شيء قد خرج منها، رأسُه رأسَ إنسان، ومن سُرَّته إلى أسفله خلقة زاغ، وفي ظهره سَلَعَة، وفي صدْره سَلَعَة، فكَّبْرُت وهلَّلْتُ وفزِعت، ويحيى يضحك- فقال لي بلسانٍ فصيح طَلْق:

أَنَا الزّاغ أبو عَجْوَةَ ... أَنَا ابن اللَّيْث واللَّبْوَة

أُحِبّ الرّاحَ والرَّيْحانَ ... والنَّشْوة والقهْوة

فلا عَرْبَدَتي تُخْشى [١] ... ولا تُحْذَرُ لي سَطْوَةٌ [٢]

ثُمَّ قال لي: يا كهل، أنشِدني شِعْرًا غزِلا.

فقال لي يحيى: قد أنشدك فأنْشِده. فأنشدته:

أَغَرَّكِ أنْ أَذْنَبْتِ ثُمَّ تتابَعَتْ ... ذُنوبٌ فلم أهجُرْكِ ثُمَّ أتوبُ

وأكثرت حتّى قلت ليس بصارمي ... وقد يصدم الإنسانُ وهو حبيبُ [٣]

فصاح: زاغ زاغ زاغ. وطار ثُمَّ سقط فِي القِمطْر.

فقلت: أعز اللَّه القاضي، وعاشقٌ أيضا.

فضحك. فقلت: ما هذا؟

قلت: هُوَ ما ترى. وجّه به صاحبُ اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد [٤] .

وقال سَعِيد بْن عُفَيْر الْمَصْرِيّ: ثنا يعقوب بْن الحارث، عن شبيب بْن شيبة بْن الحارث قال: قدِمْتُ الشحْرَ [٥] على رئيسها [٦] ، فتذاكرنا النّسناس [٧] .

فقال: صيدوا لنا منها.


[١] في حياة الحيوان: «فلا عدوى يدي تخشى» .
[٢] الأبيات في: حياة الحيوان الكبرى للدميري ٢/ ٢، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ١٢، والنجوم الزاهرة ٢/ ٣١٧.
[٣] حياة الحيوان ٢/ ٣، سير أعلام النبلاء ١٢/ ١٢، ١٣، النجوم الزاهرة ٢/ ٣١٧.
[٤] سير أعلام النبلاء ١٢/ ١٣.
[٥] الشحر: بكسر أوله وسكون ثانيه، صقع بين عدن وعمان.
[٦] في: معجم البلدان: على رجل من مهرة، له رياسة وخطر.
[٧] النّسناس: من فصيلة القرود. جاء في «حياة الحيوان الكبرى» ٢/ ٣٥٢، ٣٥٣: قال في «المحكم» : هو خلق في صورة الناس مشتقّ منهم لضعف خلقهم.