قالت: كل البلاد فتحت بالسيف إلا المدينة؛ فإنها فتحت بلا إله إلا الله. وقد روي هذا الخبر عنه - عليه السلام -.
٣٠٢٣٢ - ولأنه - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة على هيئة القتال وعبأ الجيوش وفرقهم من طرق، وكان في كتيبته في المهاجرون والأنصار وهم يتكفرون بالحديد، وكان على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - المغفر، ولو كان دخلها صلحًا لم يحتج إلى ذلك.
٣٠٢٣٣ - فإن قيل: خاف العدو فدخل مستظهرًا، كما أنه في عمرة القضاء اضطبع ورمل، وأمر بذلك إظهار للجلد حتى لا يطمعوا في المسلمين.
٣٠٢٣٤ - قلنا: في أخذ عدة الحرب وهيئة الحرب إشعارًا لعدوه أنه نقض العهد، ويجوز أن يستظهر بما لا يوهم، كالرمل الذي هو إظهار الجلد وليس فيه ما يوهم النقض. ويدل عليه ما روى الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبين بن كعب قال: لما كان يوم أحد، قتل [في الأنصار أربع وستون، أو ستة وستين] من المهاجرين ومثلوا بهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لئن كان لنا مثل هذا، لنربين عليهم). فلما كان يوم فتح مكة، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة، فقال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (الأبيض والأسود آمن، إلا مقسم بن صبابة وابن خطل وقينتي فلان). فأنزل الله تعالى هذه الآية:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (نصبر ولا نعاقب).
٣٠٢٣٥ - وروي في هذا الخبر بإسناد صحيح قال: لما كان يوم فتح مكة، نادى رجل لا يعرف: لا قريش بعد هذا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (كفوا عن آل الله). فقد قال: