للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكتوب: وَأَبُو الْحُسَيْن ابن سمعون، وكان رجلا [١] آخر سواه، لأنّه كَانَ صبيًّا، ما كانوا يُكْنُونه فِي ذَلِكَ الوقت، وسماعه من غيره صحيح.

قَالَ أَبُو ذَرّ: وكان القاضي أَبُو بَكْر الْأشعري وَأَبُو حامد يُقَبّلان يد ابن سمعون إذا جاءاه، وكان القاضي أَبُو بَكْر يقُولُ: ربّما خفي عليّ من كلامه بعض الشيء لدقّته [٢] .

وقَالَ السُّلَمي: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً ٧: ١٤٢ [٣] قَالَ:

مواعيد الْأحبة وإن اختلفت، فإنّها تؤْنس. كُنَّا صبيانًا ندور عَلَى الشّطّ ونقول:

مَاطِلِيني وسَوِّفي ... وعِديني ولا تَفي

واترُكِيني مُولَّهًا ... أو تَجودِي وتَعطِفي

قَالَ الخطيب: ثنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الظاهري: سَمِعْتُ ابن سمعون يذكر أَنَّهُ أتى بيت المقدس ومعه تمر، فطالبته نفسه برطب، فلامها، فعمد إلى التمر وقت إفطاره فوجده رطبًا، فلم يأكل منه وتركه، فلما كَانَ ثاني ليلة وجده تمرًا.

وقَالَ الخطيب: سَمِعْتُ أَبَا الفتح القوَّاس يَقُولُ: لحقتني إضافة، فأخذت قوسًا وخُفَّيْن، وعزمت عَلَى بَيْعهما، فقلت: أحضر مجلس ابن سمعون، ثم أبيعهما، فحضرت، فلما فرغ ناداني: يا أَبَا الفتح لا تبع الخُفَّين والقوس، فإنّ اللَّه سيأتيك برزق أو كما قَالَ.

وقَالَ الخطيب: حَدّثَنِي شرف الوزراء أَبُو القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن، قَالَ: حَدّثَنِي أَبُو طاهر مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن العلاف، قَالَ: حضرت أَبَا الْحُسَيْن يومًا وهو يعظ، وَأَبُو الفتح القوّاس إلى جنب الكرسي، فنعس، فأمسك أَبُو الْحُسَيْن عَنِ الكلام ساعة، ثم استيقظ أَبُو الفتح، ورفع رأسه، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحُسَيْن: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نومك؟ قَالَ، نعم. فَقَالَ: لذلك أمسكت خوفًا من أن تنزعج.


[١] في الأصل «رجل» .
[٢] تبيين كذب المفترى ٢٠١.
[٣] سورة الأعراف- الآية ١٤٢.