للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو بكر محمد بن طرخان بن بُلْتِكِين: قال لي الْإِمام أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن العربيّ: تُوُفّي أبو محمد بن حَزْم بقريته، وهي على خليج البحر الأعظم، في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ وخمسين.

وقال أبو محمد بن العربيّ: أخبرني أبو محمد بن حزم أنَّ سبب تعلُّمُه الفِقه، أنَّهُ شهِد جنازة، فدخل المسجد فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم صلّ تحيَّة المسجد. وكان قد بلغ سِتًّا وعشرين سنة.

قال: فقمت فركعت. فلمَّا رجعنا من الصَّلاة على الجنازة ودخلت المسجد بادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا وقت صلاة، يعني بعد العصر. فانصرفت وقد خُزِيت [١] .

وقلت للَأُستاذ الّذي ربَّاني: دلّني على دار الفقيه أبي عبد اللَّه بن دحّون.

فقصدته وأعلمته بما جرى عَلَيّ فدلّني على «موطأ» مالك. فبدأتُ عليه قراءة من ثاني يوم ثُمّ تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأت المُناظرة.

ثم قال ابن العربيّ [٢] : صحِبْتُ ابن حزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته، سوى المُجلَّد الأخير من كتاب «الفِصَل» ، وهو سِتّ مُجلَّدات. وقرأنا عليه من كتاب «الْإِيصال» أربع مُجلَّدات في سنة ستٍّ وخمسين، وهو أربعة وعشرون مُجلَّدًا، ولي منه إجازة غير مرَّة [٣] .

وقال أبو مروان بن حيَّان: توفّي سنة ستّ وخمسين وأربعمائة.

ثم قال: كان رحمه اللَّه حامل فنون من حديثٍ وفِقْهٍ وجَدَلٍ ونَسَبٍ، وما يتعلَّق بأذيال الأدب، مع المُشاركة في أنواع التّعليم القديمة من المنطِق والفلسفة.

ولهُ كُتُب كثيرة لم يخلُ فيها من غَلَط لجرأته في التّسوّر على الفنون، لا سيما المنطِق، فإنّهم زعموا أنَّهُ زلَّ هُناك، وضلَّ في سلوك تلك المسائل،


[١] في سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٩٩ «حزنت» .
[٢] في الهامش: «ث. هذا أبو صاحب «القواصم والعواصم، فانظر ما قاله ثمّ في شيخ أبيه» .
[٣] معجم الأدباء ١٢/ ٢٤٠- ٢٤٣، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٥٠، ١١٥١، سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٩٩، لسان الميزان ٤/ ١٩٩.