للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الصوري قد قسم أوقاته فِي نيفٍ وثلاثين شيئًا [١] .

أخبرنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا السلفي، أَنَا مُحَمَّد بْن مرزوق الزعفراني: ثنا الحافظ أَبُو بَكْر الخطيب قال: أما الكلام فِي الصفات فَإِن ما رُويَ منها فِي السُّنَن الصحاح مذهبُ السَّلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عَنْهَا [٢] .

وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته اللَّه تعالى، وحققها قومٌ من المُثْبِتين، فخرجوا فِي ذلك إِلَى ضربٍ من التّشبيه والتّكليف، تعالى اللَّه عن ذَلِكَ، والقصد إنما هُوَ سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين. ودين اللَّه تعالى بين الغالي فِيهِ والمقصَّر عَنْهُ. والأصلُ فِي هَذَا أن الكلام فِي الصفات فرع الكلام فِي الذات، ويُحْتَذَى فِي ذلك حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ. فَإِذَا كَانَ معلومٌ أن إثبات رب العالمين إنما هُوَ إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هُوَ إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكليف. فَإِذَا قُلْنَا: للَّه يد وسمع وبصر، فَإنَّمَا هِيَ صفاتٌ أثبتها اللَّه تعالى لنفسه، ولا نقول أن معنى اليد القُدرة، ولا إن معنى السَّمْع والبصر العِلْم، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأَيْدي والأسماع والأبصار التي هي جوارج وأدوات للفِعْل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف وَرَدَ بها، ووَجَبَ نفْي التشبيه عنا لقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ٤٢: ١١ [٣] ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ١١٢: ٤ [٤] [٥] .


[ (-) ] العش. (الخطيب البغدادي للعش ١٥٦، ١٥٧) إلّا أنه يضيف معلّقا علي ذلك بقوله: «ولا يتنافى مع هذا الرد أن الخطيب التقى بالصوري في بغداد وأخذ عنه، فإنّ التهمة تنصبّ على أخذ الخطيب مصنّفات الصوري بعد خروجه من بغداد إلى الشام» . (موارد الخطيب البغدادي ٥٦ الحاشية رقم ١) .
[١] المنتظم ٨/ ١٤٤.
[٢] وقال المؤلّف الذهبي: «تكلم فيه بعضهم، وهو وأبو نعيم وكثير من علماء المتأخرين لا أعلم لهم ذنبا أكبر من روايتهم الأحاديث الموضوعة في تأليفهم غير محذّرين منها. وهذا إثم وجناية على السنن» . (الرواة الثقات ٥١) .
[٣] سورة الشورى، الآية ١١.
[٤] سورة الإخلاص، الآية ٤.
[٥] تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٤٢، ١١٤٣، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٣، ٢٨٤، الوافي بالوفيات