للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن النجار فِي ترجمة الخطيب: وُلِد بقرية من أعمال نهر المُلْك، وكان أَبُوهُ يخطب بِدْرْزِيجان. ونشأ هُوَ ببغداد، وقرأ القرآن بالروايات، وتفقَّه على الطَّبَري، وعلّق عَنْهُ أشياء من الخلاف.

إِلَى أن قال: ورَوَى عَنْهُ: أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرُون، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزّوزنيّ، ومفلح بن أحمد الدّوميّ، والقاضي محمد ابن عُمَر الأرمُويّ وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. قلتُ: يعني بالسماع. وآخر من حدَّث عَنْهُ بالإجازة: مَسْعُود الثّقفي [١] .

وخَط الخطيب خطٌّ مليح، كثير الشَّكل والضَّبْط. وقد قرأتُ بخطّه: أَنَا علي بن محمد السَّمْسار، أَنَا مُحَمَّد بْن المظفَّر، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج، ثنا جَعْفَر بْن نوح، ثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى: سمعتُ يزيد بْن هارون يقول: ما عزَّت النَّيّةُ فِي الحديث إلّا لشرفِه [٢] .

وقال أَبُو مَنْصُور عليّ بْن علي الأمين: لما رجع الخطيب من الشام كَانَتْ له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عَقِب، فكتب إِلَى القائم باللَّه: إني إذا متُّ يكون مالي لبيت المال، فأْذَنْ لي حَتَّى أُفِّرق مالي على من شئت. فإذِن له، ففرَّقها على المحدِّثين [٣] .

وقال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أَبِي حدَّثها قال: كنتُ أدخل على الخطيب وأُمرَّضه، فقلت له يومًا: يا سيّدي، إن أَبَا الفضل بْن خيرون لم يُعطني شيئًا من الذَّهب الَّذِي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفَع الخطيب رأسه عن المخدَّة وقال: خُذْ هَذِهِ الخِرْقة باركَ اللَّه لك فيها. فكان فيها


[ (- ٧] / ١٩٦ وفيه قال الصفدي: «الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى له في آيات الصفات مذهبان، أحدهما أنه إذا مرّت به آية ظاهرها يفهم منه الجسمية كاليد والجنب ردّها بالتأويل إلى ما ينفي الجسمية، والثاني أنه يمرّ بظاهرها كما جاءت لا يتأوّلها ويكل العلم بها إلى الله تعالى من غير اعتقاد الجسمية، فاختار الخطيب المذهب الثاني وهو الأسلم.
[١] تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٤٣، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٤، ٢٨٥.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٥.
[٣] المنتظم ٨/ ٢٦٩ (١٦/ ١٣٤) ، معجم الأدباء ٤/ ٢١٧، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٤٣، ١١٤٤، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٥، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤/ ٣٥.