للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عَبْد الواحد بْن الحُصَيْن [١] : سار ألْب أرسلان فِي سنة ثلاثٍ وستين إِلَى ديار بَكْر، فخرج إليه نصر بْن مروان، وخَدَمه بمائة ألف دينار. ثُمَّ سار إِلَى حلب ومنَّ على ملكها. ثُمّ غزا الروم، فصادف مقدّم جيشه عند خِلاط عشرة آلاف، فانتصَر عليهم، وأسَر مقدّمهم. والتقى ألْب أرسلان وعظيم الروم بين خِلاط ومَنَازكُرْد فِي ذي القعدة من العام، وكان فِي مائتين ألوف، والسّلطان فِي خمسة عشر ألفًا. فأرسل إليه السلطان فِي الهدْنة. فقال الكلب: الهُدْنةُ تكون بالرّيّ. فعزم السلطان على قتاله، فلقِيَه يوم الجمعة فِي سابع ذي القعدة، فنُصِر عليه، وقَتَل فِي جيشه قتلًا ذريعًا، وأسره ثمّ ضربه ثلاث مقارع، وقطع عليه ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأيّ وقعت طلبه السلطان بعساكره حضر، وأن يُسلم إليه كلّ أسير من المسلمين عنده [٢] . وأعزَّ اللَّه الْإِسْلَام وأذلَّ الشِّرْك.

وكان السلطان ألْب أرسلان فِي أواخر الأمر من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم فِي الجهاد وَفِي نصر الدين. وقنعَ من الرّعّية بالخراج الأصليّ [٣] . وكان يتصدَّق فِي كل رمضان بأربعة آلاف دينار ببلْخ، ومرْو، وهَراة، ونَيْسابور، ويتصدق بحضرته بعشرة آلاف دينار [٤] .

ورافعَ بعضُ الكُتّاب نظامَ المُلْك بقصة، فدعا النّظَّامَ وقال له: خُذْ هَذِهِ الورقة، فإنْ صدقوا فيما كتبوه فهذِّب أحوالك، وإنْ كذبوا فاغفر لكاتبها وأَشْغِلْهُ بمهمٍ من مهمات الديوان حَتَّى يُعْرِض عن الكذب [٥] .

وغزا السلطان في أوّل سنة خمس وستين جيْحُون. فعبر جيشه فِي نيِّفٍ وعشرين يومًا من صَفَر، وكان معه زيادة على مائتي ألف فارس [٦] ، وقصد شمس


[ (-) ] رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة» .
[١] روايته في (بغية الطلب ٢٩) مع اختلاف في بعض الألفاظ وزيادة.
[٢] بغية الطلب ٣١.
[٣] في نوبتين من كل سنة.
[٤] زبدة التواريخ ٧٧، بغية الطلب ٣٥.
[٥] زبدة التواريخ ٧٧، بغية الطلب ٣٥.
[٦] بغية الطلب ٣٦، وفي (زبدة التواريخ ١١٧) : «وكان معه مائة ألف فارس مقاتل، خارجا عن الحشم والغلمان والسواد» .
وانظر: الكامل في التاريخ ١٠/ ٢٥، والمنتظم ٨/ ١٩٦.