للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الدين، وظهور التعصُّب بين الفريقين فِي عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الوُلاة إِلَى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حَتَّى أدى ذلك إِلَى رفع المجالس، وتفرُّق شمل الأصحاب، وكان هُوَ المقصود من بينهم حَسَدًا، حَتَّى اضطر إِلَى مفارقة الوطن، وامتد فِي أثناء ذلك إِلَى بغداد: فورد على القائم بأمر اللَّه، ولقي فيها قبولًا، وعقد له المجلس فِي منازله المختصة به. وكان ذلك بمحضرٍ ومَرْأَى منه. وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إِلَى نيسابور: وكان يختلف منها إِلَى طوس بأهله وبعض أولاده، حَتَّى طلع صُبْح النَّوبة ألب أرسلانيّة [١] سنة خمسٍ وخمسين، فبقي عشر سِنين مرفَّهًا محترمًا مُطاعًا معظَّمًا [٢] .

ولأبي القاسم:

سقى اللهُ وقتًا كنتُ أخلو بوجهكُمْ ... وثَغْرُ الهَوى فِي رَوْضة الأُنْس ضاحِكُ

أقمنا [٣] زمانًا والعيونُ قريرةٌ ... وأصبحتُ يومًا والْجُفُون سَوَافِكُ [٤]

قال عَبْد الغافر الفارسي: تُوُفّي الأستاذ عَبْد الكريم صبيحة يوم الأحد السّادس عشر من ربيع الآخر [٥] .

قلت: وله عدة أولاد أئمة: عَبْد اللَّه، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم، وغيرهم. ولمّا مرِض لم تَفُتْه ولا ركعة قائمًا حَتَّى توفّي [٦] .


[ (-) ] فسمع معهم ببغداد، والحجاز، مثل أبي الحسين ابن بشران، وأبي الحسين ابن الفضل ببغداد، وأبي محمد جناح بن نذير بالكوفة، وابن نظيف بمكة، وعاد إلى نيسابور.
[١] ي: دولة ألب أرسلان الّذي تقدّمت ترجمته في وفيات هذه السنة.
[٢] رواية عبد الغافر الفارسيّ هذه أوردها ابن عساكر في (تبيين كذب المفتري ٢٧٤، ٢٧٥) ، وقيل: ولم يدخل أحد من أولاده بيته ولا مسّ ثيابه ولا كتبه إلّا بعد سنين احتراما له وتعظيما.
[٣] في سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٣٢ «أقمت» . والمثبت يتفق مع: وفيات الأعيان، وطبقات الأولياء.
[٤] البيتان في: وفيات الأعيان ٣/ ٢٠٧، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٣٢، وطبقات الأولياء ٢٦٠.
[٥] هذه العبارة لم ترد في (المنتخب من السياق) ، بل أضاف محقق المطبوع منه هذه العبارة بين الحاصرتين: و [توفي سنة ٤٦٥ في ربيع الآخر..] . (المنتخب ٣٣٥) .
[٦] ومن عجيب ما وقع أن الفرس التي كان يركبها كانت قد أهديت له، فركبها عشرين سنة لم يركب غيرها، فذكر أنها لم تعلف بعد وفاته، وتلفت بعد أسبوع.