للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السّمعانيّ: وسمعتُ أبا رَوْح الفَرَج بن أبي بكر الأُرْمَويّ [١] مذاكرةً يقول: سمعتُ أستاذي غانم الموُشيليّ [٢] . سمعتُ الإمام أبا المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا اشتغلت بالكلام [٣] .

وقال أبو المعالي الْجُوَيْنيّ في كتاب «الرسالة النظاميّة» [٤] : اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر التي وردت في الكتاب والسُّنّة، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فحواها [٥] ، وفرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السُّنن. وذهب أئّمةُ السلف إلى الانكفاف عن التّأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى.

والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتباع سلف الأمة، فالأولى الإتباع وترك الابتداع، والدليل السّمعيّ القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة


[ () ] «قلت: هذه لفظة ملعونة» ، فنقول: لعن الله قائلها. وأما قوله: قال ابن دحية، إلى آخر ما حكاه عنه، فنقول: هل يحتاج مثل هذه المقالة إلى كلام ابن دحية، ولو قرأ الرجل شيئا من علم الكلام لما احتاج إلى ذلك فلا خلاف بين المسلمين في تكفير منكري العلم بالجزئيات، فمن نقل له ذلك؟ وفي أي كتاب رآه؟ وأقسم باللَّه يمينا بارة أن هذه مختلفة على القشيري، وكان القشيري من أكثر الخلق تعظيما للإمام، وقدمنا عنه عبارة المدرجوركية وهي قوله في حقّه لو ادّعى النبوة لأغناه كلامه عن إظهار المعجزة. وابن دحية لا تقبل روايته فإنه متهم بالوضع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما ظنّك بالوضع على غيره؟ ...
... وبالجملة لا أعرف محدّثا إلا وقد ضعف ابن دحية وكذبه، لا الذهبي ولا غيره، وكلّهم يصفه بالوقيعة في الأئمة والاختلاق عليهم، وكفى بذلك. وأما قوله: وبقي بسببها مدّة مجاورا ومات. فمن البهت، لم ينف الإمام أحد، وإنما هو خرج ومعه القشيري وخلق في واقعة الكندري التي حكيتها في ترجمة الأشعري، وفي ترجمة أبي سهل بن الموفّق، وهي واقعة مشهورة خرج بسببها الإمام، والقشيري، والحافظ البيهقي، وخلق كان سببها أن الكندري أمر بلعن الأشعري على المنابر ليس غير ذلك، ومن ادّعى غير ذلك فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا.
(٣/ ٢٦٢) .
[١] الارموي: بضم الألف وسكون الراء وفتح الميم وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى أرمية وهي من بلاد أذربيجان. (الأنساب ١/ ١٩٠) .
[٢] الموشيليّ: بضم الميم، وسكون الواو، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى موشيلا وهو كتاب للناصري، واسم من أسماء الله بلسانهم. وغانم هذا هو: أبو الغنائم غانم بن الحسين الموشيلي الأرموي، فقيه فاضل ورع مفت مناظر توفي سنة ٥٢٠ هـ. وكان جدّه نصرانيا. (الأنساب ١١/ ٥٢١) .
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٧٣.
[٤] طبعت باسم «العقيدة النظامية» ، بتحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري ١٣٦٧ هـ. ١٦٤٨ م.
[٥] في «النظامية» زيادة: «وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام أرباب اللسان منها» . ص ٢٣.