كلّ أمر إذا تفكّرت فيه ... أو تأمّلته رأيت ظريفا كنت أمشي على اثنتين قويّا ... صرت أمشي على ثلاث ضعيفا وحضر عزاء طفل وهو يرتعش من الكبر، فتغامز عليه الحاضرون يشيرون إلى موت الطفل وطول حياته مع هذه السّنّ، ففطن لهم وقال: إذا دخل الشيخ بين الشباب ... عزاء وقد مات طفل صغير رأيت اعتراضا على الله إذ ... توفي الصغير وعاش الكبير فقل لابن شهر وقل لابن دهر ... وما بين ذلك: هذا المصير وقال أيضا: علّة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للأصدقاء القياما فإذا عمّروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت وقاما وقال: ابن أبي الصّقر افتكر ... وقال في حال الكبر والله لولا بولة ... تحرقني وقت السّحر لما ذكرت أنّ لي ... ما بين فخذيّ ذكر وقال: وحرمة الودّ ما لي عندكم عوض ... لأنّني ليس لي في غيركم غرض أشتاقكم وبودّي لو يواصلني ... لكم خيال ولكن لست أغتمض وقد شرطت على صحب صحبتهم ... بأنّ قلبي لكم من دونهم فرضوا ومن حديثي بكم قالوا: به مرض ... فقلت: لا زال عنّي ذلك المرض وقال: ولمّا إلى عشر تسعين صرت ... وما لي إليها أب قبل صارا تيقّنت أنّي مستبدل ... بداري دارا وبالجار جارا فتبت إلى الله ممّا مضى ... ولن يدخل الله من تاب ثارا (معجم الأدباء) . وقال وهو مما يكتب على فصّ عقيق: ما كان قبل بكائي يوم بينكم ... فصبّي عقيقا ولا دمعي سجال دما وإنما من دموعي الآن حمرته ... فانظر إلى لونه والدمع كيف هما وجاء يوما إلى باب نظام الملك، فمنعه البوّاب، فكتب إلى نظام الملك: للَّه درّك جنّة ... ... لكن خلف الباب منها مالكا أنعم بتيسير الحجاب فإنّني ... لاقيت أنواع النكال هنالكا ما لي أصادف باب دارك جفوة ... وأنا غنيّ راغب عن مالكا فاستدعاه وقال: إذا كنت غنيّا عن مالنا فإنك غنيّ عنّا. فقال: كلانا شافعيّ المذهب، وإنما أتيتك لمذهبك لا لذهبك. وكان قد أسنّ يعتذر إلى أصدقائه حيث لم يقدر على القيام لهم، فقال هذه الأبيات: