للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُسَبّحة، ثمّ نقصّ ما يليها مِن الوسطى [١] ، لأنّها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذَكَر في ذَلِكَ أثرًا [٢] .

وقال: مِن مات بعد بلوغه ولم يعلم أنّ البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا. ومن تَساهلَ في حكاية الإجماع في مثل هذا الَّذِي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قَالَ، الحقيق أن لَا يوثَّق بما فعل.

وقد رَأَيْت لَهُ في الجزء الأوّل أنّه ذكر أنّ في علومه هذه ما لَا يسوغ أن تُودَع في كتاب. فليت شِعْري، أحقٌ هُوَ أو باطل؟ فإنْ كَانَ باطلًا فصَدق، وإن كَانَ حقًا، وهو مُرادُه بلا شكّ، فلِمَ لَا يودَع في الكُتُب، أَلغُمَوضه ودِقّته؟ فإن كَانَ هُوَ فَهْمُه، فما المانع لأن يفهمه غيره [٣] .

قَالَ الطُّرْطُوشيّ محمد بْن الوليد في رسالة لابن المظفَّر: فأمّا ما ذكرت مِن أمر الغزّاليّ، فرأيت الرجل وكلّمته، ورأيته جليلًا مِن أهل العِلْم، قد نَهَضَت بِهِ فضائلُه، واجتمع فيه العقل والفَهْم، وممارسة العلوم طول عُمره. وكان عَلَى ذَلِكَ مُعْظَم زمانه، ثمّ بدا لَهُ عَنْ طريق العالم، ودخل في غُمار العُمّال، ثمّ تصوّف، فهجر العلومَ وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول [٤] ، ووساوس الشّيطان، ثم شابَها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلّاج، وجعل يطعن عَلَى الفقهاء والمتكلّمين. ولقد كَاد أن ينسلخ مِن الدّين. فلمّا عمل «الإحياء» عمد يتكلّم في عُلُوم الأحوال ومرامز الصُّوفيّة، وكان غير أنيسٍ بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط عَلَى [أمّ رأسه] [٥] وشحن كتابه بالموضوعات.


[١] في الأصل: «الواسطي» .
[٢] قال الإمام النووي في (شرح المهذّب ١/ ٣٤٥) : قال الغزالي في (الإحياء ١/ ١٤١) : «يبدأ بمسبّحة اليمنى، ثم الوسطى، ثم البنصر، ثم الخنصر، ثم خنصر اليسرى إلى الإبهام، ثم إبهام اليمنى، وذكر فيه حديثا وكلاما في حكمته، وهذا الّذي قاله مما أنكره عليه الإمام أبو عبد الله المازري المالكي الإمام في علم الأصول والكلام والفقه، وذكر في إنكاره عليه كلاما لا يؤثر ذكره، والمقصود أن الّذي ذكره الغزالي لا بأس به إلّا في تأخير إبهام اليمنى فلا يقبل قوله فيه، بل يقدّم اليمنى بكمالها، ثم يشرع في اليسرى، وأما الحديث الّذي ذكره فباطل لا أصل له» .
[٣] انظر: طبقات ابن الصلاح ١/ ٢٥٥- ٢٥٩.
[٤] في (السير ١٩/ ٣٣٩) : «القلوب» .
[٥] في الأصل: «فسقط على الإثم» وبعدها بياض، والمستدرك من: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٣٩.