للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأذكر وأنا طفل [١] أنّ معلّمي عطيَّة بْن مُحَمَّد [٢] بعثني إلى عمّي بكتابةٍ كتبها فِي لوحي. فضمّني إِلَيْهِ وأجلسني فِي حُجْره وقال: كم يعطى الأديب؟

قلت: بقرة لبونا [٣] . فضحك، ثُمَّ أمر لَهُ بمائة بقرةٍ لبونٍ معها أولادها، ووهب لَهُ غلّة أرضٍ حصل لَهُ منها ألفا إرْدَبّ من السِّمْسمِ خاصَّة.

وأمَّا سعة أمواله، فلم تكُنْ تدخل [تحت] [٤] حصر، بل كَانَ الفارس يمشي من صلاة الصُّبح إلى آخر السّاعة [٥] فِي فرقانات من الإِبِل [٦] والبقر والغَنَم كلّها لَهُ.

وكان يسكن فِي مدينةٍ منفرِدةٍ عَنِ البلد الكبير.

وأمّا حماسته وشدَّة بأسه فيُضْرَب بها المثل، وهُوَ شيءٌ يزيد عَلَى العادة بنوع من التّأييد، فلم يكن أحدٌ يقدر أن يجرّ قوسه. وكان سهمه ينفذ من الدَّرَقَة ومن الْإِنْسَان الَّذِي تحتها [٧] .

وكان النَّاس يسرّحون أموالهم إلى وادٍ مُعْشِبٍ مُخْصِبٍ فسيحٍ [٨] بعيدٍ من البلد [٩] ، وفيه عبيدٌ متغلّبة [١٠] نحوٌ من ثلاثة آلاف راجل، قد حموا ذَلِكَ الوادي بالسّيف، يقطعون الطّريق، ويعتصمون بشعفات الجبال وصياصيها.

وكان العدد الَّذِي يسرح مع المال [١١] في كلّ يوم خمسمائة قوس ومائة فَارس. فشكى النَّاس إلى عَلِيّ بْن زيدان أنّ فيهم من قد طال شعره، وانقطع


[١] زاد في النكت: «عمري ثماني سنين» .
[٢] زاد في النكت: «بن حرام» .
[٣] في الأصل: «لبون» .
[٤] إضافة من النكت ١٢.
[٥] في النكت: «الساعة الثانية» .
[٦] في النكت: «في فرقانات من الأنعام الثلاثة الإبل..» .
[٧] انظر: النكت العصرية ١٣.
[٨] في النكت ١٦ «مسبع» .
[٩] في النكت: «يقال له: صبياء» .
[١٠] في النكت: «وفيه من عبيد الحكميّين طوائف متغلّبة» .
[١١] في النكت: «الّذي يحرس المال ويسرّح معه» .