للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باللَّه من زواله، وبالوحدة من آلِهةٍ شتَّى، وبالوحدة منَ الكَثْرة، وبالنّصّ والتّعليم منَ الأدواء والأهواء المختلفة، وبالحقّ منَ الباطل، وبالآخرة الباقية منَ الدُّنْيَا الملعونة، الملعون ما فيها، إلّا ما أُريد بِهِ وجه اللَّه، ليكون عِلمكم وعلمكم خالصا لوجهه الكريم. يا قوم إنّما دنياكم ملْعبةٌ لأهلها، فتزوّدوا منها للآخرة، وخير الزّاد التَّقْوى» .

إِلَى أن قَالَ: «أطيعوا أميركم ولو كَانَ عبدا حبشيّا، ولا تزكُّوا أنفُسَكم» .

قَالَ كمال الدّين: وكتب سِنان إِلَى سابق الدّين صاحب شَيْزَر يُعزّيه عَنْ أَخِيهِ شمس الدّين صاحب قلعة جَعْبَر:

إنّ المنايا لا يطأن [١] بمنسمِ ... إلّا عَلَى أكتاف أَهْل السُّؤْدُدِ

فَلَئِنْ صَبَرْتَ فأنتَ سيّد مَعْشرٍ ... صُبُرٍ [٢] وإنْ تَجْزَعْ فغيرُ مُفَنَّدِ

هَذَا التّناصُرُ باللّسان ولو أتى ... غيرُ الحِمام أتاكَ نصري باليدِ

وهي لأبي تمّام.

وقَالَ: ذُكِر أنّ سِنان كتب إِلَى نور الدّين محمود بْن زنكي، والصحيح أَنَّهُ إلى صلاح الدّين:

يا ذا الَّذِي بقراع السّيف هدَّدنا ... لا قام مصرعُ جنْبي حين تصرعُه

قام الحَمَام إِلَى البازيّ يُهدِّدُهُ ... واستيقظَتْ لأُسُود البَرّ أضبعُه

أضحى يسدّ فم الأفعى بإصبعه ... يكفيه ما قد تلاقي منه إصبعه

[٣] «وَقَفْنَا عَلَى تفصيله وجُمَله، وعلمنا ما هدَّدنا بِهِ من قوله وعمله، وباللَّه العَجَب من ذُبابة تطِنّ فِي أُذُنِ فيل، وبعوضة تُعدّ فِي التّماثيل، ولقد قَالَها قومٌ من قبلك آخرون، فدمّرنا عليهم ما كَانَ لهم ناصرون، أَلِلْحَقّ تدحضون، وللباطل تنصرون، سيعلم الَّذِين ظلموا أيَّ مُنْقَلبٍ ينقلبون. ولَئْن صدر قولك فِي قطْع رأسي، وقلْعك لقلاعي منَ الجبال الرّواسي، فتلك أمانيّ كاذبة،


[١] في سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٨٨ «لا تطا» .
[٢] في سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٨٨ «صبروا» .
[٣] ستأتي هذه الأبيات بصيغة مختلفة بعد قليل.