للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها بُكْتمر، فالتقى هُوَ وبُكْتمر، فانكسر بُكْتمر شرّ كسره، وسيّر تقيّ الدّين عَلَمَه وفَرَسَه إِلَى دمشق وأنا بها، وكان يوما مشهودا.

وَفِي سنة ثلاثٍ وثمانين فتح صلاح الدّين طبريَّة، ونازل عسقلان، وكانت وقعة حِطِّين، واجتمع الفِرَنج، وكانوا أربعين ألفا، عَلَى تلّ حِطّين، وسبقَ المسلمون إِلَى الماء، وعطش الفِرَنج، وأسلموا أنفسهم وأخذوا عن بكرة أبيهم، وأُسِرت ملوكهم.

ثُمّ سار فأخذ عكّا، وبيروت، وقلعة كَوْكَب، والسّواحل. وسار فأخذ القدس بالأمان بعد قتالٍ لَيْسَ بالشّديد.

ثُمّ إنّ قَراقُوش التّركيّ مملوك تقيّ الدّين عُمَر المذكور توجّه إِلَى المغرب لمّا رجع عَنْهَا مولاه، فاستولى عَلَى أطراف المغرب، وكسر عسكر تونس، وخطب لبني الْعَبَّاس. وإنّ ابن عَبْد المؤمن قصد قَراقُوش، ففرَّ منه ودخل البرّيّة. ثُمّ دخل إليه مملوك آخر يسمّى بُوزبَّةُ، واتّفقا، ثُمّ اختلفا، ولو اتّفقا مَعَ المايرقيّ لأخذوا المغرب بأسره. ووصلت خيل المايرقيّ إِلَى قريب مَرّاكُش، وتهيّأ الموحّدون للهرب، لكنْ أرسلوا رَجُلًا يُعرف بعبد الواحد لَهُ رأي ودهاء، فقاوم المايرقيّ بأنْ أفسد أكثر أصحابه والعرب الَّذِين حوله بالأموال، وكسره مرّات، وجَرَت أمورٌ لَيْسَ هَذَا موضعها.

ثُمّ إنّ الفِرَنج نازلوا عكّا مدّة طويلة، وكانوا أُممًا لا يُحْصَوْن، وتعب المسلمون، واشتدّ الأمر.

قَالَ: ومدّة أيّامه لَمْ يختلف عليه أحدٌ من أصحابه، وفُجع النّاس بموته. وكان النّاس فِي زمانه يأمنون ظُلمه، ويرجون رِفْده. وأكثر ما كَانَ عطاؤه يصل إِلَى الشّجعان، وإلى أَهْل العلم، وأهل البيوتات. ولم يكن لمُبْطِلٍ، ولا لصاحب هزْلٍ عنده نصيب.

ووُجد فِي خزائنه بعد موته دينارٌ صوريّ، وثلاثون درهما.

وكان حسن الوفاء بالعهود، حسن المقدرة إذا قدر، كثير الصّفح. وإذا