[٢] وقال الإمام زكريا القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد- ص ٤٠٢) : حكي (عن أبي الخير) أنه كان في بدء أمره يتفقّه، فأستاذه يلقّنه الدرس ويكرّر عليه مرارا حتى يحفظه، فما حفظ، حتى ضجر الأستاذ وتركه لبلادته، فانكسر هو من ذلك ونام الأستاذ، فرأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ له: لم آذيت أحمد؟ قال: فانتبهت، وقلت: تعال يا رضيّ الدين حتى ألقنك! فقال: بشفاعة النبيّ تلقّنني! ففتح الله تعالى عليه باب الذكاء حتى صار أوحد زمانه علما وورعا، ودرس بالمدرسة النظامية ببغداد مدّة، وأراد الرجوع إلى قزوين فما مكّنوه، فاستأذن للحجّ وعاد إلى قزوين بطريق الشام. وكان له بقزوين قبول ما كان لأحد قبله ولا بعده. يوم وعظه يأتي الناس بالوضوء حتى يحصّلوا المكان. ويشتري الغنيّ المكان من الفقير الّذي جاء قبله. وما سمعوا منه يروونه عنه كما كانت الصحابة تروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وحكي أن الشيخ كثيرا ما كان يتعرّض للشيعة، وكان على باب داره شجرة عظيمة ملتفّة الأغصان، فإذا في بعض الأيام رأوا رجلا على ذلك الشجر، فإذا هو من محلّة الشيعة، قالوا: إن هذا جاء لتعرّض الشيخ! فهرب الرجل، وقال الشيخ: لست أقيم في قزوين بعد هذا!. وخرج من المدينة، فخرج بخروجه كل أهل المدينة والملك أيضا. فقال: لست أعود إلّا بشرط أن تأخذ مكواة عليها اسم أبي بكر وعمر، وتكوي بها جباه جمع من أعيان الشيعة الذين أعيّن عليهم. فقبل منه ذلك وفعل، فكان أولئك يأتون والعمائم إلى أعينهم حتى لا يرى الناس الكيّ.