بيته مأوى النَّاس، وَكَانَ ينصرف كلّ ليلة إلى بيته من الفقراء جماعة كبيرة. وَكَانَ يتفقّد النَّاس ويسألُ عن أحوالهم كثيرا، ويلقاهم بالبشر الدّائم. وَكَانَ من إكرامه لأصحابه يظنّ كلُّ أحدٍ أَنَّ ما عنده مثله، من كثرة ما يُكرمه، ويأخذ بقلبه. وَكَانَ يبعث بالنّفقة سرّا إلى النَّاس، فعل ذَلِكَ كثيرا.
سَمِعْتُ [١] أَبَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن حسن بن مُحَمَّد الهَكّارِيّ المُقْرِئ بحَرّان يَقُولُ: رأيتُ في النّوم قائلا يَقُولُ لي: العماد- يعني إِبْرَاهِيم بن عَبْد الواحد- من الْأبدال. فرأيته خمس ليالٍ كذلك.
قَالَ الضِّيَاء: وقد سَمِعْتُ خلْقًا من النَّاس يمدحونه بالصّلاح، والزّهد، والورع، ولا يشكُّون أَنَّهُ من أولياء اللَّه وخاصّته، ومن الدّاعين إلى محبّته وطاعته.
سَمِعْتُ الزّاهد أَحْمَد بْن سلامة بْن أَحْمَد بْن سَلْمان الحَرَّانيّ، حَدَّثَنِي الشَّيْخ خليفة بن شُقير الحَرَّانيّ- وَكَانَ من أعبد أهل زمانه، كَانَ يصلّي من بُكرة إلى العَصْر، وَكَانَ يقوم طول اللّيل- قَالَ: مضيت مرَّةً إلى زيارة القدس عَلَى رِجليَّ، فوصلت وَأَنَا جائع، فنمت، فَإِذَا رجل يوقظني، فَإِذَا رجل ومعه طبيخ، فَقَالَ:
اقعد كل! فَقُلْتُ: كيف آكل، وَأَنَا لَا أعلم من أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ حلال، وما عملته إِلَّا لأجلك. فأكلتُ، ثُمَّ جاءني مرَّةً ثانية فَقَالَ: جاءني أربعة رجال فقالوا:
جزاك اللَّه خيرا، حيث أوصلت المعروف إلى أهله، أَوْ ما هَذَا معناه. فَقُلْتُ: ومن أنتم؟ قَالُوا: نَحْنُ أقطاب الْأرض، فَقُلْتُ: فمن سيِّدكم؟ قَالُوا: الشَّيْخ العماد المَقْدِسِيّ.
حَدَّثَنِي أَبُو الربيع سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم بن رحمة، قَالَ: كُنْت عند الشَّيْخ العماد في المسجد، فَكَانَ يوم يُفتح لي بشيء لَا يطعمني شيئا، ويوم لَا يُفتح لي بشيء، يرسل إليَّ بشيء. وَقَالَ: جرى لي هَذَا كثيرا.
وَسَمِعْتُ أبا موسى عبد الله ابن الحَافِظ عَبْد الغنيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مكيّ الشّاغوريّ المؤذّن، قَالَ: كُنْت يوما أمشي خلف العِماد في سوق الكبير، فإذا