للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المُنذريّ [١] : صنَّف في الطّريقة كتابا مشهورا، وحدَّث بالكثير، وجاور بمكّة زمانا، وانقطع في آخر عمره بمعبد ذي النّون بالقَرَافَةِ.

قلتُ: روى عنه هُوَ، والرشيدُ عبد الله، والجلالُ عيسى ابْنَا حسنٍ القاهريّ، والضّياء عليّ ومحمد ابنا عيسى بن سُلَيْمان الطّائي، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وطائفة. وأراني شيخُنا العِمَادُ الحزّاميّ لَهُ خطبةَ كتاب، فيها أشياءُ مُنْكَرة تدلّ على انحرافه في تصوُّفه، والله أعلم بحقيقة أمره. وقال للزَّكيّ المُنذريّ: نحن من خَبْر سروشين، وهي من أعمال شِيراز.

وتُوُفّي في سادس عشر ذي الحجّة.

وقد مدحه عمر ابن الحاجب: بالحقيقة، والأحوالِ، والجلالة، وأنّه فصيحُ العبارة، كثير المحفوظ. ثمّ قال: إلّا أنَّه كَانَ كثيرَ الوقيعة في الناس لمن يَعْرِفُ ولمن لا يَعْرِفُ، لا يفكّر في عاقبة ما يقول. وكان عنده دُعابة في غالبِ الوَقْت، وكان صاحبَ أصول يُحَدِّثُ منها، وعنده أَنَسةٌ بما يُقرأ عليه.

وقال ابن نقطة: قرأت عليه يوما حكاية عن ابن مَعِين، فسبَّه ونال منه، فأنكرت عليه بلُطف.

قلت: أول كتابه «برق النَّقا شمس اللّقا» : الحمدُ للَّه الّذي أودعَ الحدودَ والقُدودَ الحُسْنَ، واللّمحات الحوريّة السّالبة بها إليها أرواح الأحرار المفتونة بأسرار الصَّباحة، المكنونة في أرجاء سَرْحَةِ العِذار، والنّامية تحتَ أغطية السُّبحانية، وخِباءِ القيوميةِ، المفتونة بغررها قلوبُ أولي الأيدي والأبصار بنشقة عبقة الخُزام الفائحة عن أرجاءِ الدّار، وأكنافِ الدّيار، الدّالّةِ على الأشِعَّةِ الجمالية، الموجبة خلعَ العِذار، وكشف الأستار بالبراقع المسبلة على سيماء الحُسْنِ الّذي هُوَ صُبح الصَّباحة على ذُري الجمالِ المصونِ وراءَ سُحُب الملاحةِ المُذهبة بالعقول إلى بيع العَقار وشُرب العُقار، وشدِّ الزّنّار على دِمن الأوكار، المذهلة بلطافةِ الوصلة عن هبوبِ الرياح المثيرة نيرانَ الاشتياق إلى ثورةِ الحُسن المسحبة عليها أذيالَ العشق، والافتنان من سَوْرَةِ الإِسكار، ومن لواعج الخُمار، المزعجة أرواح الطّائفة، الطّائفة حول هالة المشاهدة، والكعبة


[١] في التكملة ٣/ ١٦٥.