للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها. وله المواقفُ المشهودة [١] فِي الجهاد بدِميْاطَ المدّة الطويلة، وأنفقَ الأموالَ الكثيرة.

قلتُ: وأنشأ بالغربِ مدينة كبيرة جدا، وجعَلَها دارَ ملكه، وأسكنها جيشَه.

ومن شِعرِه كَتَبَه من دِمياط:

يا مُسْعِفي إنْ كُنْتَ حَقًّا مُسْعِفي ... فَارْحَلْ بغَيرِ تَقيُّدٍ وتَوَقُّفِ

واطوِ المَنَازلَ والديار ولا تُنخْ ... إلا عَلَى بابِ المَليكِ الأشرفِ

قَبِّل يَدَيْه لا عَدِمتَ وقُل لَهُ ... عَنِّي بِحُسْنِ تَعَطُّفٍ وتَلَطُّفِ

إنْ تَأْتِ صِنْوَكَ عن قَريبٍ تَلْقَه ... ما بينَ حَدِّ مُهَنَّدٍ ومُثَقَّفِ

أو تُبْطِ عن إنجادِه فَلِقاؤه ... يَوْمَ القيامةِ فِي عِراصِ المَوْقفِ [٢]

وكافحَ العَدُوَّ المخذولَ بَرًّا وبحرا ليلا ونهارا، يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ شاهده. ولم يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حتى أعزَّ اللَّه الإِسلْام وأهلَه وخَذَلَ الكفرَ وأهلَه. وكانَ مُعَظِّمًا للسُّنَّةِ النَّبوية راغبا فِي نشرِها والتمسُّكِ بها، مؤُثِرًا للاجتماع مَعَ العلماء والكلامِ مَعهم حَضَرًا وسَفَرًا [٣] .

وقالَ غيره: كان الملك الكامل فاضلا عادلا، شهما، مهيبا، عاقلا، مُحِبًّا للعلماء يُباحِثهم ويفهمُ أشياء. وله شعرٌ حَسَن، واشتغالٌ فِي العلم.

وقيلَ: إنَّه شكَا إِلَيْهِ ركبدارٌ أستاذهُ بأنَّه استخدمه ستةَ أشهرٍ بلا جامكيَّة [٤] ، فأنزلَ أستاذَه من فرسه، وألبَسَه ثيابَ الركبْدار، وألبسَ الركبدار ثيابَه، وأمَرَه بخدمَة الركبدار، وحَمْلِ مداسةِ ستةَ أشهر. وكانت الطّرق آمنة فِي زمانِه. وقد بَعُثَ ابنه الملك المسعود أقسيس، فافتتحَ اليمنَ والحجازَ وماتَ قبله، ووَرِثَ منه أموالا عظيمة. وكانت رايته صفراء.


[١] في التكملة: «المشهورة» .
[٢] الأبيات في: الحوادث الجامعة- ص ٥٨.
[٣] تكملة المنذري ٣/ ٤٨٥.
[٤] الجامكية: الراتب.