للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْخٌ لَعِينٌ، خُرَاسَانِيٌّ، كَانَ يَعْرِفُ السِّحْرَ وَالسِّيمْيَاءَ، فَرَبَطَ النَّاسَ بِالْخَوَارِقِ وَالْمُغَنِّيَاتِ، وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ مِنْ طَرِيقِ الْمُنَاسَخَةِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ آدَمَ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْمَلائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ نُوحٍ، ثم إبراهيم، وغيرهم من الأنبياء والحكماء الفلاسفة، إِلَى أَنْ حَصَلَ فِي صُورَةِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ بَعَدَهُ انْتَقَلَ إِلَيَّ، فَعَبَدَهُ خَلائِفٌ مِنَ الْجَهَلَةِ وَقَاتَلُوا دُونَهُ مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُورَتِهِ، وَسَمَاجَةِ جَهْلِهِ [١] .

كَانَ مُشَوَّهًا، أَعْوَرَ، قَصِيرًا، أَلْكَنَ. وَكَانَ لا يَكْشِفُ وَجْهَهُ، بَلِ اتَّخَذَ لَهُ وَجْهًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ الْمُقَنَّعُ [٢] .

وَمِمَّا أَضَلَّهُمْ بِهِ مِنَ الْمَخَارِيقِ قَمَرٌ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ مَعَ قَمَرِ السَّمَاءِ، فَقِيلَ: كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرَيْنِ، فَفِي ذَلِكَ يَتَغَزَّلُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَنَاءِ الْمُلْكِ مِنْ قَصِيدَةٍ:

إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ الْمُقَنَّعِ طَالِعًا ... بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي الْمُعَمَّمِ [٣]

وَلِأَبِي [الْعَلاءِ] الْمَعَرِّيِّ:

أَفِقْ إِنَّمَا الْبَدْرُ الْمُعَمَّمُ [٤] رَأْسُهُ ... ضَلالٌ وَغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ الْمُقَنَّعِ [٥]

وَلَمَّا اسْتَفْحَلَ الشَّرُّ بِعَطَاءٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَجَهَّزَ الْعَسْكَرُ لِحَرْبِهِ، وَقَدْ صَدُّوهُ وَحَصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ، جَمَعَ نِسَاءَهُ وسقاهنّ السّمّ


[ () ] المعرفة والتاريخ ١/ ١٤٩، وتاريخ الطبري ٨/ ١٣٥ و ١٤٤ و ١٤٨، والعيون والحدائق ٣/ ٢٧٣، والكامل في التاريخ ٦/ ٣٨ و ٣٩ و ٥١ و ٥٢ و ٢٢٤ و ١١/ ١٧٨، والملل والنحل ١/ ٢٤٨، وشروح سقط الزند ١٥٤٥، والمشترك وضعا والمفترق صقعا ٢٥٤، ووفيات الأعيان ٣/ ٢٦٣- ٢٦٥ رقم ٤٢٠، والفخري ١٧٩، ١٨٠، ودول الإسلام ١/ ١٠٩، والعبر ١/ ٢٣٥ و ٢٤٠، والآثار الباقية للبيروني ٢١١، وشذرات الذهب ١/ ٢٤٨.
[١] وفيات الأعيان ٣/ ٢٦٣، ٢٦٤.
[٢] وفيات الأعيان ٣/ ٢٦٤.
[٣] البيت في ديوان ابن سناء الملك- ص ٦٩٨.
[٤] في وفيات الأعيان «المقنّع» في الموضعين.
[٥] البيت في شروح سقط الزند ١٥٤٤.