نحمد الله تعالى، ونستعينه، ونستهديه، ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد كان القرآن الكريم سببا في نشأة العلوم العربية على ما بينا في موضع، وكانت علوم اللغة من أسبق هذه العلوم وأكثرها نموا وتعمقا.
وهذا طبيعي لأنها اتجهت جميعها إلى محاولة معرفة لغة القرآن.
ومنذ القرن الثاني للهجرة والعلماء يتتابعون واحدا إثر واحد وهم يوقنون-على ما يجهدون وسعهم-أن أحدا لا يستطيع أن يحيط بلغة الكتاب الكريم.
وتلك حقيقة من الحقائق الكبرى التي لا يمارى فيها أحد، وعلى مر الأزمنة ينكشف لنا من لغته شيء جديد، ثم ينجلي شيء آخر، وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد كان إعراب القرآن الكريم من الجهود التي نهض أولو العزم من العلماء، ولا يظنن ظان أن هذا الأمر هين يسير، فالإعراب متصل بالمعنى ومتصل بعناصر أخرى كثيرة كالوقف والوصل ولهجات العرب القدماء، إلى غيرها مما لا يتسع له المقام هنا.
وتنوعت كتب إعراب القرآن الكريم بين مختصر ومطول وبين موجز في الشرح ومسهب فيه.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا حلقة في تلك السلسلة المباركة، بذل فيه أصحابه من الجهد ما تنطق به صفحات الكتاب، ويتضح للمتابع أن فيه إضافات للآراء، وربطا للمعاني في أغلب الأحوال.
وخلاصة القول ... أن الكتاب فيه من العلم النافع ما يعين على قراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة، وما ييسر فهم كثير من مسائله، وفي إدراك بعض ألوان الإعجاز فيه. وندعو الله سبحانه وتعالى لمن بذل جهدا في سبيل إخراج هذا الكتاب أن يجزيه خير الجزاء، وأن يجعل أعماله، وأعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
أ. د/عبده الراجحي
أستاذ العلوم اللغوية بجامعة الإسكندرية وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة